لن يتخلى الساسة الأمريكيون عن مبادئهم أبداً ، فكراهيتهم للإسلام والمسلمين ليست حكراً على الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب الذي كشَّر عن أنيابه في أول أيام حكمه ونفث ما في جوفه من سم ، ولا يمثل السيد ترامب إلا حالة من حالات الخداع والكراهية والخبث والحقد الدفين الذي اتسم به عدد من الرؤساء الأمريكيين في عدائهم للإسلام وجموع المسلمين ،
وهو خيط ممتد من استهداف طائش أعمى جذوره تاريخية وأغواره فكرية وحضارية، فالرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الابن وصف حربه على أفغانستان والعراق بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر ، بأنها حرب صليبية جديدة ، وهو في تلك اللحظة كان يعبر عن شعور دفين توارثته الأجيال الكنيسة المتصهينة على مدى قرون وسنوات طويلة هي التي أعطت العلاقة بين الغرب والعالم الإسلامي طبيعة الخوف والشك والصراع الحضاري .
> فالرئيس الأمريكي دونالد ترامب عندما يصدر في أيامه الأولى في البيت الأبيض قراراً وأوامر تنفيذية يحرم فيها على مواطني سبع دول إسلامية ست منها عربية ، دخول الولايات المتحدة الأمريكية، لم يتخذ تلك القرارات إيفاء بوعود انتخابية قطعها على نفسه أيام السباق نحو البيت الأبيض فقط ، إنما تأكيداً لموقف غربي متشدد لم يمح التاريخ ملامحه ، ولم يغسل قبح مقصده ، ظل قائماً ضد الإسلام والمسلمين ، وليس ترامب نشازاً عن سياق متصل يتبدى في مرحلة انعطاف في دورة تاريخية تنوء بأحمالها وتنكفئ .
> تتقدم الولايات المتحدة الأمريكية بكل ما تملك من رباطة جأش الى الهاوية ..! فهي تسقط من صهوة ادعاءاتها ، وتتمرغ في طين الوحول اللزجة بتناقضاتها حين تكيل بمكياليها ، وتظن أنها حريصة على قيم الحرية والديمقراطية والمساواة والعدل ونبذ العنصرية .
> لقد جر السيد ترامب أمريكا من أذنيها ، لتتقيأ كل ما أنتجته من ادعاءات وقيم إنسانية شوهاء وتسكب قيها على صدرها ورجليها لقد بانت الكذبة البلقاء وانكشف المستور عن صورة مقززة لأرض الأحلام وبلاد الحرية ، حين توصد الأبواب أمام القادمين لمجرد هويتهم الدينية والأرض التي قدموا منها ، ويطردوا ويكافحوا كأنهم جراثيم وميكروبات معدية بسبب رجل واحد ظن إنه على صواب وهو لا يدري كم هي باهظة هذه الخطوات العمياء .
> من الأفضل لنا كمسلمين او كأبناء هذه الدول التي كتب عليهم ألا يحلموا بالذهاب الى بلاد العم سام ، أن نفرح لأن التاريخ إبان لنا غرائبه وجعلنا نعيش عهداً تمضي فيه دولة كبرى وعظيمة بحجم الولايات المتحدة الى مستنقع عنصريتها الفجة بأظلافها الكريهة ، فترامب يقدم خدمة جليلة للتاريخ الإنساني كله عندما يكشف عن وجه الشيطان ، وملامح الطغيان ، ومعالم الشر التي كنا نظن أن مساحيق المدنية والتقدم والحريّة ستجملها وتحسن من قبحها ودمامتها .
> ها هي أمريكا بلا قناع او تذويق ، اختارت رئيساً يلطخها بقاذورات القاع السحيق من رجس التاريخ البشري الذي تجاوزه الزمن ، فالعنصرية شعور سالب ذهب في كثير من البلدان الى غياهب النسيان ، وتوازي وراء عصور التنوير والوعي والعلم والمعرفة وتطور المجتمعات الإنسانية ورقيها ، ومن كان يصدق أن بلداً هكذا الذي يقوده ترامب يتقهقر الى ما وراء التاريخ ليعود مستلاً خناجره وهراواته وغلظته وبشاعة أظافره المدمية ، ليقف مصنفاً البشر بدياناتهم ولغاتهم ومنابتهم الثقافية ، لقد أفرغ الرئيس الأمريكي الجديد جام غضبه وحنقه وسارع للتغطية على المظاهرات في المدن الأمريكية والأوروبية والمواقف الرافضة له ولرئاسته ودخوله البيت الأبيض ، الى اتخاذ الإجراءات المتعسفة الهوجاء العنصرية الحاقدة التي ستقود حتماً الى الهاوية ..!
الصادق الرزيقي – أما قبل
صحيفة الإنتباهة