حطّمت الإعلامية اللبنانية الكفيفة داليا فريفر آخر تسجيلات كتاب غينيس عن فئة أطول حوار تلفزيوني مباشر لأكثر من شخصية من مجال مختلف، حيث تمكّنت يوم السبت الفائت من استضافة 91 شخصية خلال 24 ساعة في بثّ مباشر ومتواصل عبر “تلفزيون لبنان” الرسمي.
استطاعت فريفر في الساعات الـ12 الأولى من البث محاورة 43 ضيفاً وهو الرقم القياسي الذي حققته بمعدّل ربع ساعة لكلّ ضيف، إذ انطلقت في حوارها عند الساعة الثامنة من صباح السبت 28 يناير وختمته صباح الأحد حيث نالت شهادة غينيس من مندوبيه الذين حضروا إلى التلفزيون، وراقبوا تطبيق الشروط.
شهادة غينيس
حققّت فريفر بإنجازها انتصاراً جديداً لتلفزيون لبنان الذي أخرجته مزاحمة المحطات الخاصة في لبنان من المنافسة، كما سلّطت الضوء على قدرات ومواهب إعلاميّة مميزة لم تنل فرصتها بعد، وأكّدت أن الصبيّة التي فقدت بصرها في عمر 18 سنة تتفوّق مضموناً وموهبة في زمن البوتوكس واللهاث خلف الرايتينغ.
تلاعب بأرقام غينيس؟
نسأل فريفر في حوار مع “العربية.نت” عن اللغط في عدد الضيوف والساعات، فتؤكّد “أنه كان عليّ كسر الرقم المسجّل في عام 2014، أي 72 ضيفاً خلال 24 ساعة، رقم عملنا على تجاوزه خلال الشهرين الأخيرين بمعدّل 15 دقيقة لكلّ ضيف”. وتضيف “لاحظنا وبشكل مفاجئ أن هذا الرقم تبدّل على موقع غينيس بطريقة غريبة في اليوم الأخير قبل مباشرتي بالتحدّي، ونشر رقم جديد هو 171 ضيفاً إنما بشروط مختلفة أي بمعدل 5 دقائق تقريباً. بالنسبة لي لا أعتبر أن حواراً مدّته 3 أو 5 دقائق مادة إعلاميّة صالحة للبثّ”. وتوضح “سنعرف حقيقة ما جرى وكيف نشر هذا الرقم من دون صورة أو إثبات أو فيديو. وفي حال ثبت أن الرقم المنشور صحيح سنعاود كسره من دون تردّد”.
وتؤكّد فريفر أنها كانت على وعدها للمشاهدين اللبنانيين، وتعلّق “شهادة غينيس أعتز بها، لكن الشهادة الأهم والأغلى هي شهادة اللبنانيين ودعم الناس وأهدي وطني هذا النجاح. سنعاود العمل في فترة لاحقة على الرقم الجديد الذي ظهر حديثاً على موقع غينيس، وسنحاول معرفة خلفيات هذا التغيير خصوصاً أن المندوبين الموجودين معنا لم يكونوا على علم بهذا الرقم المستحدث”.
الإلمام بنحو 100 شخصيّة
نحاول أن نلتقط من فريفر أثراً لأحد الضيوف الذين ناهز عددهم المئة، فتقول “الضيوف من مجالات فنية وثقافية وإعلامية مختلفة ولكل منهم أثر مميز، حاولنا تقديم باقة منوّعة كي لا يشعر المشاهد بالملل. الكوميديّون جعلوني أضحك من كل قلبي والمغنّون غنيّت معهم. لا يمكنني أن أنسى ما قاله لي الإعلامي ماجد بو هدير على الهواء”.
بدت فريفر لكلّ من تابعها جبّارة صلبة، لكنّها عند الساعة الرابعة من فجر الأحد شعرت ببعض التعب فأخذت استراحة قصيرة جداً لتتابع حواراتها بشكل طبيعي. لم يكن اختيار هذا العدد من الضيوف بالأمر السهل، لكن جرى التعاون بين أمينة سر “المجلس الوطني للإعلام” جاكلين جابر والإعلامية هلا المر والأصدقاء.
تجزم فريفر في حديثها أنه من الصعب الإلمام بـ 91 ضيفاً، “لكن من يحبّ العمل الذي يقوم به فإنه يخوض المغامرة حتى نهايتها. قمت بأبحاث عن كل شخص لا أعرفه”. وتتابع “كنت على تنسيق مع فريق الإعداد، والأسئلة استنتجتها من أجوبة الضيوف. بعض الضيوف وصلوا في اليوم نفسه لأن آخرين لم يتمكنوا من الوصول وكان لدي ثوانٍ معدودة لمعرفة من هو الضيف وتكوين أسئلة أولية في رأسي”.
“تلفزيون لبنان” لا ينقصه شيء
تعلّق على مسألة اتكال بعض الإعلاميين على فريق الإعداد بالقول: “عملنا فريقي بامتياز، بعض الإعلاميين قد يسلّمه فريق الإعداد ورقة بالأسئلة من دون أن يكون على دراية بالموضوع فنلاحظ أنه لا يعرف ماذا يسأل. على العكس تماماً نحن عملنا بشكل جماعي واجتمعنا مراراً وحضّرنا الأسئلة ونسّقنا معاً”.
على عكس الشائع لم تطالب فريفر بموازنة كبيرة للتلفزيون الوطني وبنهضة تواكب الحداثة، بل راحت بالجهد الشخصي تثبت أن مكانة هذا المنبر على الساحة الإعلامية اللبنانية لم تلغ بعد. تشكر تلفزيون لبنان ورئيس مجلس إدارته طلال مقدسي ومدير البرامج فيه حسن شقّول على دعمهما. موقفها واضح “لم نقل كلمة لو على أي تفصيل. يحكى الكثير عن تلفزيون لبنان لكنه مجهّز بتقنيات ومعدات متطوّرة ويمتلك فريق عمل لديه كفايات عالية”.
الرصانة في “زمن البوتوكس”
كان لافتاً دخول فريفر التحدّي في زمن قلت فيه ثقافة بعض الإعلاميّات، وفي هذا الشأن تعلن أن “الإعلامي الحقيقي هو المثقّف. الشكل الخارجي مهم لكنه ليس جواز المرور الوحيد أمام الشاشة، على المحاور أن يدير الحوار بشكل جيد ويحترم ضيفه”. تفضّل صفة الرصانة بين كلّ التعليقات التي قرأتها.
وعن تدنّي المستوى الإعلامي وبحثه عن الرايتينغ والتراشق الحاصل بين المحطات اللبنانية، تعلّق فريفر “اتّسعت رقعة حرب الرايتينغ في لبنان، حتى أننا لا نعلم مدى صحة الأرقام التي تنشر، لكن الأهم أن تكون لكل إعلامي هويته وبصمته من دون نسخ أفكار البرامج. علينا التطلّع نحو الابتكار والتجديد فالناس اليوم بحاجة أكثر للثقافة”.
حقّقت سابقاً الإعلامية ريما نجيم رقماً قياسياً عبر الراديو، وعن تجربتها في الراديو والفارق بينه وبين التلفزيون، تقول “أحترم وأحب نجيم ولم أدخل في منافسة معها، خصوصاً أنني لا أملك أوراقاً أمامي وكان علي البقاء بتماس تام بين ذاكرتي والحوار المباشر على الهواء. عام 2012 نلت الجائزة الثانية في مسابقة “الهوا إلك” عبر “صوت لبنان” وجائزة أفضل حوار. لا أقارن بين الراديو والتلفزيون لأن لكل وسيلة إجابياتها وسلبياتها، لكن البقاء عبر الشاشة ليس سهلاً خصوصاً أنني لم أرتح أبداً، حتى أنني كنت مجبرة على الظهور في نشرة الأخبار وكان الطعام يصل إلى طاولة الحوار في الاستوديو”.
سأدرس الإعلام وأتخصص به
تحمل فريفر شهادة في علم النفس العيادي وتهوى العمل التلفزيوني وستدخل الجامعة عمّا قريب للتخصّص في الإعلام إذ تفضّل صقل الموهبة بالتخصّص.
لا مطالب كبيرة لفريفر للوزارات اللبنانية المعنيّة، وتقول: “أهديتُ الشهادة التي نلتها من غينيس إلى ذوي الاحتياجات الخاصة، طالبت وأطالب وزارة الشؤون الاجتماعية بتطبيق القانون 220/2000” (يهدف إلى دمج ذوي الاحتياجات الخاصة بشكل كامل في الحياة المدنية خصوصاً في سوق العمل لكنّه لم يطبّق إلى حينه). أما وزارة الإعلام فمشكورة لدعمها، “تمّت المسابقة بمباركة وزير الإعلام الذي تبنّى المشروع قبل أسبوعين وصوّرنا معه الإعلان الترويجي” تردف فريفر.
يشاع أن فقدان إحدى الحواس يزيد من طاقة باقي الحواس، لكن لفريفر نظرتها الخاصة “عندما يفقد الإنسان إحدى حواسه يقدّر أكثر أهميّة باقي الحواس، هذا لا يعني أن باقي الحواس ستعوّض له فقدان بصره مثلاً، إنما الفكرة هي في تقبّله للإعاقة بخلق طاقة منها وعيش التحدّي لإثبات الذات. مجتمعنا يشير إلى الإعاقات الظاهرة لكن الأكثر إيلاماً هي الإعاقات غير الظاهرة”.
العربية نت