الصحافة هي مهنة تقوم على جمع وتحليل الأخبار والتحقق من مصداقيتها وتقديمها للجمهور، وعملاً بما يمليه علينا ضميرنا المهني فقد قمنا بنشر مقال بتاريخ 21 يناير الحالى بعنوان (نصب على النيل الأزرق) وذلك إثر قيام القناة بإستضافة (شخصين) مساء الأربعاء يدعي أحدهما إختراعه (منظم) لأنبوبة غاز الطبخ المنزلي به بعض مميزات الأمان ، وكانا يروجان له (دون خجل أو وجل) على أنه (إختراع جديد لنج) وأنهما قد قاما ببيع أول (نسخة) منه للسيدة وزيرة الثقافة والإعلام بولاية الجزيرة بمبلغ 4 مليون جنيه وسوف يتم طرحع قريباً بالأسواق ..
المنظم الذي أدعى الشابان اللذان تمت إستضافتهما إختراعه هو إختراع قديم (بي ضبانتو) بمعني وجوده (بنفس المواصفات) في الأسواق منذ حوالى عقدين وأكثر ، وقد أشرنا في ذلك المقال إلى الشركات التي تقوم ببيعه وقد قمنا بوضع الروابط التي تعزز حديثنا ذلك (يبقى تاني مافي كلام) !
على الرغم من توثيقنا في ذلك المقال لهذا (النصب المفتشر) مما يتطلب الإعتذار (السريع) من (القناة) والجهة التي إدعت (إختراع) هذا (المنظم) إلا أنه بدلاً عن ذلك فقد وردت إلى بريد الكاتب عدة رسائل (تهديد) من بعض أفراد هذه (العصابة) أورد واحدة منها من شخص يدعى (حسام أبوعلي) يختتم رسالته بالتهديد التالي : (إن الم تعتذر عن اتهامك الباطل انتظر القادم ) .
ورسالة أخرى أساء فيها أحد هؤلاء (النصابين المروجين) الأدب (وهو في عمر أبنائي) وعندما طلبت منه أن يتحلى بالأدب أجابني : (إنتا الأدب شوفتو وين؟) !! يعني القصة (نصب) وكمان قلة أدب .
وعشان القصة جابت ليها (تهديد) و (قلة أدب) فقد قام العبدلله بالبحث والتقصي هو هذا الإختراع (المسروق) والذي قام مكتشفه (المدعي) بتسميته (الأنوميتر) ليجد أن المسالة قد (مشت) على كثير من شخوص ومؤسسات الدولة التي قامت بدعم (الإختراع) المزعوم والدخول في شراكات مع (مدعي الإختراع) دون أن تكلف نفسها الوقوف على ماهيته وما إذا كان موجوداً ، والشيء غير الطبيعي والذي يدعو إلى (الإستغراش) في الأمر أن بعض هذه المؤسسات مؤسسات بحثية (يعني علمية) .
والغريب في الأمر أن الدولة قد قامت بالإحتفاء بالإختراع (الملطوش) .. كما جاء في نشرة سونا بتاريخ 25 فبراير 2015 تحت عنوان (تدشين منتج انومتر لقياس كمية وفحص وتأمين انابيب الغاز) إذ جاء فيها ما يلي :
تم مساء اليوم بقاعة الصداقة تدشين منتج قياس كمية الغاز (انومتر) ومشروع انومتر لفحص وسلامة وتأمين أنابيب الغاز لمخترعه السوداني ، وجاءت فعالية التدشين تحت شعار (سلامة دقة جودة) تحت رعاية (عدد من كبار المسؤولين) وأمن المتحدثون خلال حفل التدشين على أهمية تبنى الدولة والقطاع الخاص لابتكارات ومشروعات الشباب في مختلف المجالات ، مشيرين إلى إن هذا المنتج الجديد يمثل إضافة جديدة في سجل الإختراعات السودانية في العالم ‘ وقال المهندس (المخترع) في تصريح لـ (سونا)إن المنتج هو الأول من نوعه في العالم . وأشار إلى إن المنتج تم تسجيله بالملكية الفكرية بوزارة العدل ببراءة اختراع برقم (3228)، وكما تم تسجيله لدى المنظمة العالمية للملكية الفكرية (الوايبو) تحت الرقم (IB 2014/001655)..
إنتهي الخبر الذي أوردته سونا وقتها ونسأل أنفسنا ونسأل كل (مسؤولي الدولة) الذين أقاموا ذلك الإحتفال وأشاروا إلى كون هذا المنظم هو منتج جديد يمثل إضافة جديدة في سجل الإختراعات السودانية .. هل تعلمون بأن هذا المنظم موجود (بي ضبانتو) في كل بلاد العالم تقريباً ومنذ سنوات طويلة؟
ثم أنظر (للمخترع) وهو يدعى تسجيل (المنظم) لدى المنظمة العالمية للملكية الفكرية (الوايبو) تحت الرقم (IB 2014/001655). وقد بحثنا في سجل براءآت الإختراعات على قاعدة بيانات موقع المنظمة ولم نجد له أثراً ؟
ولم تقتصر القصة على إحتفاء الجهات الرسمية بل القصة جابت ليها (إتفاقيات) إذ جاء بصحيفة الصيحة بتاريخ 24-03-2015 ما يلي :
وقعت شركة انوميتر لقياس الغاز و(مركز النفط الفني) اتفاقية لتأهيل الكوادر لتسويق المنتج الجديد ، وقال مدير التخطيط وتطوير الأعمال بمركز النفط بأن هذه الاتفاقية تصب في مصلحة المواطن مشيراً الى أن الجهاز تم اختراعه بواسطة مخترع سوداني وأن المركز سيتولى بموجب هذه الاتفاقية تدريب وكلاء توزيع الغاز بالسودان..!!
مدير التخطيط وتطوير الأعمال بمركز النفط (شوفو الوظيفة دي) .. للأسف لا يعلم أن هذا (المنظم) موجود وأنه (لا إختراع وللا تطوير لإختراع ذااتو) ولو كلف نفسه بدخول الشبكة العنكبوتية لعلم الحقيقة لكنها الوظائف التي تمنح (هكذا) لتضيع موارد الدولة في إختراعات (ملطوشة) يتم دعمها دون (فحص أو تمحيص) !!
على الرغم من أن مدير التسويق للشركة المزعومة قد صرح خلال لقاء النسل الأزرق بأن الإختراع قد قامت برعايته شركة روافد السعودية إلا أنه وبالإتصال بالشركة أفادت بأن الإختراع هو لشركة TVL ويتم تسويقه منذ سنوات وأن ثمنه هو 50 ريال فقط !
كسرة:
علمنا أن الموضوع فيهو (أعفاءآت جمركية) فهل قام الأمن الإقتصادي بعمل اللازم .. ونرحب بالدخول إلى ساحات القضاء لفضح هذا الإختراع المزعوم !
• كسرة ثابتة (قديمة) :أخبار ملف خط هيثرو العند النائب العام شنو؟ 56 واو – (يعني ليها سبعة سنوات وشهرين)؟
• كسرة ثابتة (جديدة): أخبار تنفيذ توجيهات السيد الرئيس بخصوص ملف خط هيثرو شنو؟ 45 واو (يعني ليها ثلاث سنوات وتسعة شهور).
ساخر سبيل – الفاتح جبرا
صحيفة الجريدة