ابني المشاغب.. (يا ماما ..انت مشكلتك بديتي حياتك بعد الأربعين)

شارع الستين ..العاشرة صباحا ..كنت أعتقد أنه سيكون خاليا يوم الاجازة ..لذلك تشجعت وقررت قيادة السيارة ..طلبت من مها صديقتي مرافقتي ..استنادا على المقولة الشهيرة (الرفيق قبل الطريق ) ..لكن خاب ظني فيها وفي الشارع ..فقد كان الشارع مزدحما ..عدد من الشاحنات العالية ..وكمية لا بأس بها من الدفارات ..كنت أتصبب عرقا من الخوف ..وأكاد أصرخ في كل سائق شاحنة تمر بسرعة بجانبي …(اليس منا من لا يرحم صغيرنا) ؟؟ ..ذلك أن عربتي مقارنة بالشاحنة تظهر كأنها لعبة أطفال ..

زوجي كان صادقا عندما نصحني بأن أضع ورقة مكتوب عليها (سائق مبتدئ) ..لكني ترفعت عن ذلك ..وقلت انها ستجلب لي السخرية ..كيف يستقيم (الابتداء) مع من خط الشيب في رأسه؟؟ ..تذكرت قول ابني المشاغب (يا ماما ..انت مشكلتك بديتي حياتك بعد الأربعين …بقيتي تكتبي بعد الاربعين ..وهسه بقيتي تسوقي بعد الاربعين ) ..مالها الاربعين وما بعدها ؟؟ عيبوها لي ….دا عمر النبوة ..

وأنا في خضم خوفي هذا وعرقي المتصبب ..وتحت شعار كفاك ولا أزيدك ..طفقت مها تحكي (انتي ما تخافي ..يعني شنو لو عملتي حادثة ..خالتي اول مرة ساقت ..دخلت في طلمبة البنزين ..ضربت العربية القدامها ..بس الخسائر ما كانت كبيرة ..لكن هي حردت السواقة ) .. ….من أين اتت هذه الصديقة المتفردة في نوعها؟؟ ..هززت رأسي لأطرد فكرة الحادثة من رأسي ..لكن من يسكت صديقتي ؟؟ ( بس خالدة كان احسن ..دقشت العمود بالليل ..ما شافته ..الغلط ما منها ..المفروض تكون في انارة في الشوارع).. اضطربت ويبدو انني لم التزم بالمسار المحدد ..صرخ أحدهم (انتي اتعلمتي السواقة وين ؟) ..يشهد الله في خرطوم الجن دي ..وكمان امتحنت الرخصة ..لكنهم لم يخبروني انني ساشترك مع الشاحنات والدفارات في ذات الشارع ..كذلك لم يحذرني أحد من الصداقات الملغومة ..

توقفت للاشارة الحمراء ..طرق صاحب الدراجة البخارية نافذتي مشيرا لي بانزالها ..(انتي كان احسن تمشي بي كرعينك ..بدل السرعة الانتي معطلة بيها الشارع كلو ) ..اللهم طولك يا روح ..رسمت ابتسامة على وجهي وقلت له (درب السلامة للحول قريب ) ..قال وهو يضغط على دواسة البنزين ..(سلامة منو ..دا درب أبو القدح)..رغما عني ضحكت …كانت مها لا تزال تثرثر (هبة كانت اخف واحدة ..ضربت واحد سايق عجلة ..الحمد لله ما حصل ليهو شئ ..بس.. ) .

فاض بي الكيل في تلك اللحظة ..أوقفت العربة فجأة محدثة صوتا عاليا بالفرامل ..وقلت لها بلهجة صارمة (انزلي ).. .ترجلت وهي تضحك (يا زولة وصليني بيتنا ..انا كنت بحاول اشجع فيك ) ..لا.. نوع تشجيعك دا ما عايزاهو ..أغلقت باب السيارة وتركتها فاغرة فاهها ..صرخت ورائي متوعدة اياي (انتظري لي بس..)..لم ادعها تكمل حديثها ..تحركت بمفردي ..وعقلي يعمل ..ما هو الحل يا لمبة عبقرينو ؟؟ الحل هو ان تفرد لنا شوارع خاصة بالنساء ..لونها وردي ولا بنفسجي ..تكون أقصى سرعة فيها 50 ..ويسمح بالسرعات السلحفائية للمبتدئات الاربعينيات …يا ناس المرور اسمعوا كلامي ..اني لكم من الناصحين .. ..والا ..فانتظروني ..انا قادمة بالسرعة السلحفائية ..ووو(يا سائق).. يا ماشي ..النظرة ماشة وراك ..وقف ..وسوقني معاك )>

د. ناهد قرناص

Exit mobile version