في بادرة لم تكن الأولي من نوعها اقدمت الحركة الشعبية قطاع الشمال على الإتجاه نحو التحالف مع الأحزاب السياسية المعارضة وعلى رأسها الحزب الشيوعي بغرض العمل سوياً لإسقاط النظام ، ولم يكن مستغرباً ماحملته وسائل الإعلام خلال الأيام السابقة حول الإتفاق بين الحركة الشعبية والحزب الشيوعي على تطوير العمل المشترك بينهما وكافة القوى السياسية لما سمي لتصعيد النضال الجماهيري لإسقاط النظام وتوحيد المعارضة.
سبق أن أثار التحالف بين الشيوعي والشعبية خلافاً بين قيادات الحزب الشيوعي التي إنقسمت بين مؤيد ومعارض للتحالف بين المكونين ، اذ أن الحركة الشعبية مثلت منذ تأسيسها محور الخلاف بين مكونات الحزب فيما يتعلق بالتنسيق معها على الرغم من الإنشقاقات التي تسيطر عليه.
ولم يكن بعيد عن الذاكرة الخلاف بين قيادات الحزب الشيوعي وإحتدام الصراع في الرؤى بين الناطق الرسمي بإسم الحزب صديق يوسف والسكرتير العام للحزب محمد مختار الخطيب حول التنسيق مع الجبهة الثورية إذ يرى الأول ضرورة التنسيق مع تحالف الجبهة الثورية والعمل على لملمة أطرافها ومحاولة إحياء التحالف بين مكوناتها، بينما يرى الأخير أن التنسيق مع الجبهة الثورية في الوقت الحالي لا طائل منه ولابد من العمل على بناء قوى الإجماع الوطني.
ويبدو أن الحركة الشعبية أصبحت تعي أن إسقاط النظام عن طريق السلاح أمر لا يمكن تحقيقه لجهة أن التداعيات الدولية والإقليمية أثبتت فشل تغيير الحكم بقوة السلاح بجانب أن الشعب السوداني أصبح يعي تماماً أن الأمن أساس الحياة لذلك أرادت أن تنأ بنفسها عن الإستمرار في محاولة إسقاط النظام عبر السلاح وتتجه الي التحالف مع الحزب الشيوعي الذي ظل هو الأخر يتصيد الفرص مستغلاً القضايا الإقتصادية والمطالب الخدمية.
معلوم أن الحزب الشيوعى أضعف الأحزاب السياسية وزناً وأقلها قاعدة جماهرية كما أن الحركة الشعبية فقدت توازنها بوصلها عقب الهزائم العسكرية التي نالت من قواتها في النيل الأزرق والمنطقتين ، مما جعل العقلاء من الحزب الشيوعي ينادون بضرورة الإبتعاد عن الحركة الشعبية قطاع الشمال لإدراكهم بأن مستقبل السودان لن ترسمه قوة السلاح لأنه لن يحل بحل مشكلة السودان.
يوضح ياسر عثمان حامد أستاذ العلوم السياسية بعدد من الجامعات أن الخلفية السياسية للحزب الشيوعي تمثل مجموعة من التناقضات والتاريخ الذي لا يستند على شورى وديمقراطية وهذا يفسر التباعد في المواقف والتناقض بين قيادات الحزب الواحد، موضحا أن قيادات الحركة الشعبية والحزب الشيوعي لا زلت تقف عند محطة قد تجاوزها الزمن
وقال حامد إن الدعوة للتوحد حول رؤى جامعة للخروج من الأزمة السودانية وتأكيدات الحكومة المتكررة حول أن الحوار الوطني لن يستثنى أحد وهو الحل الأصوب والأنجع للمشكلة السودانية، موضحاً أن الششيوعي يتخندق خلف مواقفة القديمة بفعل الحراك السياسي الذي ينتظم الساحة السياسية والرغبة الأكيدة لكل الأطراف السودانية بما فيها عقلاء الحزب الشيوعي وبعض الحركات المسلحة التي رأت أن الحل لا يكمن في حمل السلاح وأن الحركة الشعبية لم تعد خياراً مرغوباً لكونها لا تمثل إلا افراد من عديمي الأفق السياسي الذين يعملون وفق أجندات خاصة مرتبط بدوائر خارجية.
ويصيف حامد أن التنسيق بين الأحزاب السياسية والقوى التي تحمل السلاح يعتبر جانباً من لعبة السياسية القذرة كما يطلق عليها، على الرغم من المبررات غير الموضوعية التي تسوغها الأحزاب السياسية لتوضح لقواعدها أن التنسيق للوقوف يداً واحدة ضد الحكومة.
ربما تعتبر محاولة التنسيق بين الحزب الشيوعى الحركة الشعبية قطاع الشمال نقطة سوداء في تاريخ الحزب الشيوعي خاصة وأن الحركة الشعبية خلال السنوات السابقة أثبتت أنها تخطت جميع المواثيق الدولية والأعراف السياسية من خلال الممارسات التي ظلت تتنتهجها ضد المدنيين في جنوب كردفان والنيل الأزرق.
وفي ظل الوهن الذي تعاني منه الحركة لن تجدي مساعي الحزب الشيوعى لنفخ الروح فيها بإعتبار أن الشيوعي عليه أولاً أن يسعى لمواجهة الصراع الداخلي الذي يمكن أن ينهي مسيرته السياسية، اذ لا توجد نقاط اتفاق بين الحزب الشيوعي والقوى الأخرى بما فيها الحركة الشعبية لأنه لا توجد خطوط عريضة يتفقون حولها لإسقاط نظام الحكم ويعود ذلك لعدم إتحادهم فكرياً ولا تنظيمياً وهو ما يعني التباعد بينهم هو سيد الموقف رغم محاولات إنكار ذلك.
تقرير: رانيا الأمين
(smc)