مصر تتهرب من التحكيم حول حلايب وترفض التفاوض المباشر ربما لتُرغم السودان على إختيار الطريق الثالث وهو طريق لايتمناه شعبنا، ولكن لا يخشاه

ابريل 2016، أعلنت مصر رسمياً رفضها للتفاوض المباشر مع السودان حول مثلث حلايب، و أصدرت خارجيتها بياناً بالنص : ( حلايب وشلاتين أراضٍ مصرية، وتخضع للسيادة المصرية، وليس لدى مصر تعليق إضافي)، وكان هذا رداً على طلب الخارجية السودانية وبيانها.. والجديد في هذا الرفض، أن مصر – منذ إحتلالها للمثلث – لم تكن ترفض التفاوض بهذا الوضوح، بل كانت تراوغ و (تلف وتدور)، ثم تمارس التخدير المسمى بتحويل المثلث إلى (منطقة تكامل)..!!

:: وهذا الموقف الرافض للتفاوض – لأن حلايب تخضع للسيادة المصرية – يعكس تناقض المواقف هناك، والخوف من نتائج فتح هذا الملف، مباشراً كان أو تحكيماً دولياً.. لقد فاوضت مصر السودان مباشرة حول حلايب بعد إحتلالها مباشرة، أي وهي خاضعة تحت سيادتها بالإحتلال، فلماذا ترفض التفاوض المباشر اليوم بزعم خضوع المنطقة للسيادة ؟.. ولا إجابة غير نتائج التفاوض المباشر الأول والأخير، والتي شهدت هزيمة وفد مصر المفاوض ..!!

:: كان التفاوض المباشر الأول والأخير بشرم الشيخ..وكان وفد السودان برئاسة على محمد عثمان يس، وزير العدل الأسبق، ورافقه – مع آخرين – د. جعفر ميرغني كخبير وطني .. وكان الوفد المصري برئاسة عمرو موسى، وزير الخارجية الأسبق، و رافقه – مع آخرين – د.يونان لبيب كخبير وطني .. يونان نبيل ( 1933 – 2008) ، من خبراء التاريخ في العالم، خريج جامعة عين شمس ( 1955 )، ثم ماجستير التاريخ الحديث ( 1963)، ثم دكتوراه في التاريخ الحديث ( 1967)..!!

:: وبعد الترحيب، طلب عمرو من الوفد السوداني أن يبدأ المرافعة.. وافق الوفد، وطلب رئيسه من الخبير جعفر ميرغني تقديم المرافعة التاريخية للمثلث مدعوماً بالوثائق ..وقدم ميرغني مرافعة مختصرة..(أشكركم، ولكن مع وجود المؤرخ المصري يونان لبيب في وفد التفاوض المصري إكتفي بشهادة كتبه ومؤلفاته عن هوية حلايب)، قالها ثم أخرج بعض كتب و مؤلفات لبيب من حقيبته ووضعها على المائدة.. فهاجت القاعة، وهاج يونان : ( لا يا عم ، تاريخ إيه؟، و مؤلفات إيه؟، و كتبي إيه؟، دي مفاوضات سياسية، مش تاريخية)..!!

:: وغضب وفد السودان، وحبس يونان في خيارين لا ثالث لهما.. أي تكذيب كل كتبه و مؤلفاته التاريخية، وما فيها من معلومات ووثائق تخص البلدين، أو التأكيد على مصداقية كتبه التاريخية وما فيها من معلومات ووثائق البلدين، وبما فيها ما تخص مثلث حلايب، وليس هناك أي خيار ثالث.. وهاجت قاعة المفاوضات لحد رفع الجلسة مع تحديد موعد جلسة آخرى – في اليوم التالي – بين (الرئيسين فقط)..وهي الجلسة التي إقترح فيها عمرو موسى تقسيم المثلث بالمناصفة..نعم، إقترح وفد مصر بان يكتفي السودان بالنصف الجنوبي، وتواصل مصر في إحتلال النصف الشمالي..ورفض على يس الإقتراح.. !!

:: وبعد الجلسة، عاتبوه على عدم توثيق الاقتراح المصري( تقسيم المثلث).. أي كان عليه طلب اقتراح التقسيم – كتابة – بحيث تُضاف الوثيقة إلى الوثائق التاريخية والمعاصرة التي تثبت سودانية المثلث..هكذا كانت نتائج التفاوض المباشر الأول والأخير، أي كانت إعترافاً بسودانية حلايب التاريخية ..و ليست مؤلفاتهم التاريخية فقط، بل كل حقائق التاريخ تفضح مزاعم السلطات المصرية، ولهذا تتهرب من طريق التحكيم الدولي وترفض طريق التفاوض المباشر، ربما لتُرغم السودان على إختيار الطريق الثالث .. وهو طريق لايتمناه شعبنا، ولكن لا يخشاه..!!

الطاهر ساتي

Exit mobile version