في نهايات شهر ديسمبر الماضي وبدايات شهر يناير من هذا العام 2017 دعانا المجلس الأعلى للتخطيط الاستراتيجي لمراجعة مسودة الاستراتيجية الشاملة للدولة خلال الفترة القادمة. اجتمعت لجنتنا الاقتصادية برئاسة الدكتور تاج السر مصطفى وكانت أولى مراجعاتها ضرورة استصحاب الحظر الاقتصادي الامريكي في كل مراحل اعداد وتنفيذ استراتيجية الدولة الشاملة.
الآن تم تخفيف الحظر، مع الوعد بإزالته بصورة شاملة بعد ستة أشهر شريطة التقدم في الحوار السوداني الأمريكي في خمس قضايا تشمل: إنهاء النزاعات العسكرية، تعزيز ادخال المساعدات الانسانية، وقف أي دور سالب لحكومة السودان في زعزعة أمن دولة جنوب السودان، مكافحة الجماعات المتطرفة، القضاء على جيش الرب. ويلاحظ أنه ليس من قضايا الحوار أي قضية اقتصادية. وعلى هذا ينشأ السؤال هل توجد ضرورة أو حوجة لتعديلات جوهرية في استراتيجيات وسياسات السودان الاقتصادية بعد رفع الحظر؟
إن التحليلات التي ذهبت الى أن رفع الحظر قصد منه الأمريكان قفل الطريق أمام الصين حتى لا تنفرد بالسودان وتستحوذ على أراضيه مقابل الديون، أو تلك التي ذهبت الى أن رفع الحظر المقصود منه تمكين الشركات الأمريكية الكبرى من الدخول للسودان للحصول على موارده، كلها تحليلات لا نجد لها أي إشارة في القرارات الصادرة بشأن رفع الحظر، وعليه لا يجوز البناء عليها.
من الواضح أن المبادئ والسياسات التي خُطط لها في الاستراتيجية وفي البرنامج الخماسي للاستقرار والنمو الاقتصادي 2015-2019 لا تحتاج لأي تعديلات بمناسبة رفع الحظر. لقد ورد في وثيقة البرنامج الخماسي ما يلي: ( الالتزام بمبادئ اقتصاديات السوق وحرية النشاط الاقتصادي وأسس التحرير والانفتاح الاقتصادي. وتأكيد الدور الريادي للقطاع الخاص (المحلي والأجنبي) لقيادة النشاط الاقتصادي ولتحقيق أهداف البرنامج. وتأمين مقومات تحسين مستوى المعيشة والعيش الكريم للمواطنين.
ضمان تحقيق عدالة توزيع الدخل القومي بين المواطنين في كافة الولايات والمحليات وإقامة دولة الرعاية والضمان الاجتماعي التي تستند على قيم العدالة والتكافل. الالتزام بمبادئ وأسس الاعتماد على الذات وطنياً وإقليمياً وخاصة في مجالات الأمن الغذائي والأمن القومي.
الإلتزام بمقومات الحكم الراشد وديمقراطية وشفافية الأداء وسيادة حكم القانون).
هذه مبادئ ومقومات لا تحتاج لأي تعديل. لكن المطلوب تعديل روح التنفيذ وكيفيته، وفي هذا يرى الأستاذ حجر الزلط من بنك السودان : (دراسات الماكرو اقتصاد يجب ان تصاحبها دراسات ميكرواقتصادية موجهة لانتشال الجمهور تحت خط الفقر ورفعه الى دوائر الانتاج والثراء. وهو يتطلب ان تكون لنا رؤية تخطيطية وتنفيذية اوضح موجهة لهذه الفئة).
فيما يرى د. لؤي عبد المنعم من جامعة أفريقيا العالمية : ( أن رفع الحظر لا بد أن ترافقه اصلاحات مثل تخفيض عدد الوزراء ووزراء الدولة. ولا بد من بداية جديدة بمواصفات علمية و أهداف مرحلية تراعي الأولويات التي يجب أن تتجه نحو زيادة الإنتاج و تخفيض الإنفاق العام.
أما مشاريع التنمية فيجب أن تركز على الأنشطة ذات العائد الكبير لسد العجز في الميزانية. كما ينبغي العمل بجدية لشطب او جدولة الديون الخارجية. وخصخصة المشاريع الاستثمارية التي تتبع الجيش و الامن. و التمسك بسياسة إحلال الواردات و تنمية الصادرات. والحد من استيراد سلع الرفاهية التي تبدد العملات الصعبة. وتقديم حوافز للمغتربين لضخ مدخراتهم في البنوك السودانية). والله الموفق.
د. عادل عبد العزيز الفكي
adilalfaki@hotmail.com