الوقوع فى الغيرة والشكوك ليست حالة عاطفية تؤثر على النفس والقلب كما يدعى البعض، ولكنها تصيب أيضا الجسد، فقد أوضح بعض الأطباء فى الآونة الأخيرة أن بعض الأمراض ما هى إلا آثار سلبية نتيجة للوقوع فى الحب.
كما أوضح خبير التنمية البشرية أبو بكر مصطفى، أن الكثير من الأزواج يتسابقون في الحصول على الوسائل التقنية الحديثة للتجسس على بعضهم، ويبررون التجسس بخوفهم من الخيانة الزوجية، لكنهم يجهلون الأمراض النفسية الخطيرة الناتجة عن ذلك، ومنها الوسواس القهري والشعور بالاضطهاد النفسي العميق٬ وأيضًا ارتفاع درجات التوتر، الذي قد يسبب ألما جسمانيًا مثل ارتفاع ضغط الدم أو قرحة المعدة أو الحساسية أو الربو، إضافة إلى إفساد فطرة الإنسان السوية، فالنفس البشرية لا يمكن أن تعطي الحب والود والعطف في جو مشحون بالشكوك والظنون السلبية.
وقال إن الأصل في الإسلام سواء كان رجلًا أو امرأة، الطهارة والعفة والبراءة والسلامة من كلِّ شيء مشين، ولهذا نجد أن الأصل في الإسلام النهي عن التجسس بكل صوره وأشكاله، خاصةً التجسس بين الزوجين، لأن هذا يتنافى مع المقصد الرئيسي للزواج الذي أوضحه الله تعالى في قوله: «وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ» (آية 21) سورة «الروم».
وأشارت الدراسات إلى أن هناك عدة أمراض تقف وراء الغيرة المرضية، وهي تشكل عرضًا من أعراض أمراض نفسية أو عضوية معينة، فمثلًا، في إحدى الدراسات تبين أن 7 – 44% من الأشخاص المصابين بالغيرة المرضية يعانون أيضًا من الفصام الزوراني Paranoid Schizophrenia، بينما يعاني 3 إلى 16% منهم من الاكتئاب، و38 إلى 57%من العصاب واضطرابات الشخصية، أما الإدمان على الكحول فيشكل 5 – 7%، والأمراض العضوية 7 – 20%. وتضم الأمراض العضوية التي قد تسبب معاناة لصاحبها من الغيرة المرضية بكثير من الأمراض، منها الإدمان على المخدرات، خاصة مجموعة الأمفيتامينات Amphetamines وخصوصًا Ritalin، والاسم المتداول له بين الأشخاص المدمنين هو “سبيد” Speed.
كذلك الإدمان على الكوكايين Cocaine يؤدي إلى معاناة الشخص من الغيرة المرضية الخطيرة وبعض الاضطرابات دماغية، وخصوصًا الأمراض المعدية، والأورام (الحميدة والسرطانية)، واضطرابات الغدد الصماء والأمراض الاستقلابية Metabolic والحالات التنكسية Degenerative.
ويجب أن لا ننسى دور الشخصية Personality في تطور الغيرة المرضية، إذ غالبًا ما يتبين أن هناك تناقضًا بين طموحات المريض وما ينجزه، ومثل هذا النوع من الشخصية معرض لكل شيء قد يهدد مفهوم عدم التوافق، مثل فقدان المريض وضعه الاجتماعي أو التقدم في العمر، وإزاء مثل هذه التهديدات، قد يوجه الشخص اللوم نحو الآخرين، وهذا قد يأخذ شكل اتهام الشريك بالخيانة لا يوجد أدنى شك بأن الغيرة المرضية ظاهرة شديدة الخطورة، وقد أشارت دراسة عام 1966، على الأشخاص المحكومين بالقتل، إلى أن الغيرة المرضية موجودة عند 12% من الرجال و15% عند النساء.
صدى البلد