رفيق الزنزانة “أحمد محمد الطعيمة” يحكي: لم اشاهد “محمد محمود طه” يصلي

التأريخ يوم 27 اكتوبر 1984، يتم اعادة اعتقال احمد محمد الطعيمة، طالب المتوسطة حينها في قضية قتل غير عمد، ويرسل الى سجن كوبر، وتمر حياة احمد في السجن رتيبة وعادية كيوميات اي سجين منتظر في سجن كوبر.. .

وفي يوم من تلك الايام .. أحس احمد انه نهار مختلف ، تحديدا في الثاني عشر من يناير 1985 ، فجأة فتحت ابواب السجن .. ودخل العساكر يقودون رجلا في السبيعنات من عمره ، صاحب هندام مرتب وتكسو وجهه هيبة ظاهرة .. الشيخ وزع ابتسامات على الحاضرين ، لم اكن بداية اعرف الرجل، وان كان واضح في هيبته انه ذو مكان رفيع .. لم تمر الدقائق سريعا حتى علمت انه الاستاذ محمد محمود طه .. الذي حكمت عليه احد محاكم العدالة الناجزة بالاعدام شنقا حتى الموت ..

لا ادري .. لكنني تعلمت صغيرا في بيئتي .. ان الصغير يفسح دائما المجال للكبير .. ولأنني كنت اصغر القوم وراء تلكم القضبان ..تبرعت بمنحه مرتبتي .. ووهبتها له .. لكنه اصر على رفضها .. ومع اصرارنا المتكرر اقترح ان اشاركه عليها فوافقت ..

الاستتابة

يصف احمد تلكم الايام الاخيرة في حياة الشيخ الذي اعدمه جعفر نميري شنقا اثر الحكم عليه بالردة واستتابته ، فيقول : لاحظت ان السلطات تاتي الى الشيخ كل صباح .. تاخذه الى مكاتب ادارة السجن وتعيده عند العصر، ما علمناه انهم يطلبون منه ان يتوب عن افكاره لكنه ظل يرفض ..

احمد لم يكن يتحدث الى الشيخ كثيرا في السجن نظرا للفارق السني الذي كان بينهما .. لكنه استمع جيدا الى الحوارات التى كان يتحدث فيها الشيخ مع كبار السن في السجن .. يقول احمد : الذين كانوا في السجن اداروا حوارات عميقة مع الشيخ الذي ظل يستشهد دائما بايات الله البينات وبالحديث الشريف .. حديثه كان قال الله ، وقال الرسول

صلاة الشيخ

القضية التى يتحدث عنها الناس الان ، أن محمد محمود لم يكن يصلي .. خاصة وان ابنة الشيخ اعترفت بهذا للصحفي ضياء الدين بلال في برنامج فوق العادة ان كان يصلي فقالت انه لم يكن يصلي هذه الصلاة الحركية .. سالت احمد ان راى الرجل وهو يصلي فقال انه لم يره يصلي .. لانه يذهب الى الجامع وطه لم يكن يذهب الى الجامع ، وبالتالي لم يكن احمد يعرف ان كان يصلي ام لا ..

الاعدام

في صباح ذلك اليوم الخميس السابع عشر من يناير 1985 .. فتحت ابواب السجن الكبيرة على مصراعيها .. دخل الى السجن عدد هائل .. علمنا أن حياة محمد محمود طه قاربت حيانه على النهاية .. ودنى الاجل .. يحكي احمد عن تلك اللحظات فيقول : هرعت وانا في تلك السن نحو محمد محمود .. همي الكبير لحظتها ان لا يموت هذا الرجل .. خلال الخمسة ايام قام بيني وبينه ود كبير .. لم اكن اريد ان يموت هذا الرجل .. لست وحدي حتى الضباط والجنود ظلوا يمارسون معه كل انواع الرجاء حتى يعدل عن ما ظل عليه ، .. الضباط ظلوا ينظرون الي مشفقين .. ويتحدثون اليه بان يتراجع ..لكن الرجل ظل متمسكا بموقفه .. ونظر الى كأنما يودعني وقال لن اتراجع عن قرار اتخذته عندها .. ابعدني الضباط واخذوا الشيخ الى زنزانة الاعدام ..

شمس محمود الاخيرة

الشمس الاخيرة في حياة محمد محمود طه هي شمس الجمعة الثامن عشر من يناير 1985 .. يحكي احمد عغن ذلك اليوم فيقول انهم لاحظوا حركة غير طبيعية .. وعلمنا ان هناك جموعا غفيرة تتجه نحو سجن كوبر .. لحظتها ايقنا تماما أن اعدام طه يحمل هذا التاريخ عند العاشرة صباحا ، اسرعت الى احد المساجين واخبرته برغبتي برؤية الاعدام .. فدلني على احد ( الشبابيك ) العالية .. صعدت اليه ، شاهدت الجنود يخرجون محمد محمود موثق الكتفين ، معصوب العينين .. ذهبوا به الى حيث المشنقة .هنا قاطعت احمد سائلا: هل رايت تثاقلا في خطوات الشيخ او ترددا ما ؟ رد مسرعا لا .. لم الاحظ ذلك ..محمد محمود طه صعد الى حبل المشنقة ، ورفع العسكري ( الترباس ) وانزلق محمد محمود طه متدليا على حبل المشنقة

العودة للاسلام

بعد تلك اللحظات شعر احمد برغبة شديدة للجوء الى الله والاكثار من الصلاة ، هو الوحيد الذي لحظات الاعدام دون المساجين ، هو من طلب ذلك لعلاقة قصيرة عظيمة نشات بينهما لخمسة ايام . يقول احمد : توجهت نحو الجامع .. وصليت ماشاء الله لي ان اصلي ، فجاة دخل عليه وكيل النيابة – كما عرفه لاحقا – وطلب منه حذاء للوضوء ، وبعد ان اكمل وكيل النيابه وضوئه طلب من احمد ان يحضر اليه ستة من المنتظرين بشرط ان يثق فيهم احمد ، ورغم اندهاشه يقول احمد انه ذهب واتى بهم حينها اتى القاضي – رفض التصريح عن اسمه – وطلب احضار اصحاب محمد محمود طه ، فزادت دهشة احمد عندما علم ان لطه اصحاب .. جاء اربعة اشخاص احدهم كما يتذكر احمد يسدل شعره على كتفيه وطلب منهم أن يتوضأو امام الستة اشخاص ليكونوا شهودا على توبتهم ، ثم صلوا جماعة ،قاطعت احمد سائلا الم يطلب منهم الاغتسال؟ فقال : لا توضأو فقط

بركات محمد محمود طه

احمد يحكي قصة ربما هي بركة ، اذ يقول ان القاضي بعد ان استتاب الاربعة اشخاص .. رأى شيخا بلغ من العمر التسعين عاما محنى الظهر ، رسمت السنوات منعرجاتها على وجهه فسال عنه فقيل انه محكوم بعشرين عاما بعد ادانته بقضية مخدرات ، فامر القاضي باطلاق سراحه فورا.

نقلها : علي ميرغني

Exit mobile version