* الحقيقة دائماً مرة للذين انجرفت عقولهم؛ فصارت لا تميز بين الخبيث والطيب؛ بين الموضوعية و(المزاج!) بين الصحيح والمغشوش والمفتعل..!
* البعض يفترض أن نكون على هواه فنلغي عقولنا تماماً لنحتمل صخبه حين يفرح برفع العقوبات الأمريكية عن السودان.. وهى لا ترقى لأن تكون موضوعاً يأخذ أولوية تفكير اللبيب (الحر)؛ فلو تدبرنا حيال التكوين الشاذ لنظام البشير؛ أيقنا أن وجوده سبباً كافياً لمنع أي مظهر من مظاهر الابتهاج..! لكن جماجم التزييف تريد أن تحصرنا في (قِشرة) لنترك (البصلة النتنة) جانباً.. أي نتغاضى عن أساس الكارثة السودانية فننشغل بتفاصيلها.. ولأننا عاهدنا القارئ عل الوضوح التام نبين بعض الجوانب على إثر حملة الترويج البليدة لموضوع رفع العقوبات؛ باعتباره (منجزاً) لنظام عمر البشير (ذلك الذي كسر الجرة وذبح البقرة!!).. فلتكن هذه السطور تتمة لما سبق وتكراراً (مضاف إليه) لثقيلي الفهم:
1 ــ الإذلال الذي تعرض له البشير وحكومته بسبب الحصار الاقتصادي الأمريكي؛ لم يكن (بطلب شعبي!!)؛ لكن ــ النظام ــ عديم الرحمة والإنسانية فكر في جعل الحصار (فاعلاً ــ مُفعّلاً) بسياسة إجرامية يمكن تخلل الابتزار عبرها في اتجاهين (داخلي وخارجي)..! طامة (عزل السودان) لم يفرضها الأمريكان بل فرضتها الجماعة الإرهابية الحاكمة (هذه الحقيقة يزوغ منها أتباع الجماعة المنتفعين من فسادها (المُحلل!!) ويتحاشونها جداً؛ ليس لديهم استعداد نفسي لتقبلها نتيجة لحالة الفصام) إنما لديهم كامل التهيئة لطمس كل حقيقة تثبت أن نظامهم (اللا أخلاقي) سعى بكل ما أوتي من خبث للإنتقام من الشعب السوداني؛ لعل ذلك يقتل فيه الأمل ويفاقم الشعور بالإحباط كأحد المطلوبات الأساسية لنظام (دكتاتوري ــ سارق ــ خائب ــ خائن ــ رخيص) مجرد من أي إحساس (وطني).. بدليل أنه قضى على خيرة المؤسسات القومية..! وفي منحى مهم ننظر (التذويب) والتشويه الذي طال حتى (قواتنا العزيزة) بعملية ترقيع أزيائها الوطنية وحشوها بكل جلباب شاذ..! منتهى (المرمطة) للشعب؛ مارسها الغرباء الحاكمين لتذهب (قوميتنا) وعزتنا مع (زبد التغريب)..!
2 ــ لنفترض أن العقوبات أصلاً غير موجودة؛ ولم ينكسر حكام الخرطوم لدرجة لحس الحذاء الأمريكي؛ هل ثمة ما يسقط جرائم الإبادة الجماعية و(الفردية!) التي استهل بها المهووسيين حكمهم (قبل تصنيفهم كإرهابيين)؟! هذا سؤال قابل لزوغان (النطيحة) وفاقدي القيمة..!
3 ــ رئيس السودان ــ المجازي ــ مطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية؛ ونعترف أن بعضهم (يقف معه بالعاطفة الرعناء) خوفاً؛ طمعاً؛ أو جهلاً خالصاً.. فإذا اعتبرنا المحكمة مسيسة ولها أجندة (ومؤامرات) كما يدَّعون.. أهذا ينفي الجرائم التي ارتكبها المذكور؟!
ــ السؤال أعلاه يمثل نموذجاً لانفلات جماعة البشير وتوابعهم من الشواذ الصغار خارج سياق الموضوعية؛ وقد أوردناه لنقرب الشقة بين الأمس واليوم.. فبالأمس كانوا يعتبرون الوقوف مع المحكمة الجنائية (شغل عملاء) إلى آخر الأقوال الفجة المفتعلة دون سند؛ بينما لا يقتربون أصلاً من (جرائم البشير الكبرى).. أما اليوم فإنهم يفرحون لرفع العقوبات ولا يريدون استمرار الغضب تجاه المتسببين فيها (عنوة).. أي أن البعض يمارسون علينا الوصاية المباشرة (متى نفرح ومتى نغضب).. رغم أن الحصار الأمريكي لم يكن شاغلنا أصلاً على حساب القضية الرئيسية (وجود السلطة الشاملة الإجرام) فكيف يتوفر فرح لشيء لا يشغلنا؟! ومن طقس المنافقين يتولد سؤال فرعي: ما المحفز (للهجيج) طرباً برفع العقوبات؛ بينما العصابة التي جرَّت كافة المصائب على الوطن لم ترفع يدها عن كرسي اغتصبته؛ أو تتخلى عن طباعها القبيحة (وفي مقدمها الكذب)؛ كما أنها تترفع عن الاعتذار على موبقاتها (كأقل ما يمكن) رغم أن قبول اعتذار هؤلاء ضرب من العبث..! كما ترى ــ العصابة ــ أن كيانها أرفع من (المحاسبة) على (أرخبيل الدماء) والتدمير الممنهج للبلاد..!
4 ــ هل العقوبات الامريكية أقسى من قتل الملايين وتمزيق البلاد؟! وهل استشهد الملايين بنقص دواء أو بمجاعة سببتها العقوبات الامريكية؟! كلا.. أسلحة (البشير) الفتاكة هي التي أبادتهم.. زائد الفساد العام..!
5 ــ التهجم والاستماتة وراء (لوي الحقائق) ستكون على الدوام أبرز عنوان لكل مبتلى بالأفكار الشاذة يتخذ قدوته من أشهر رئيس كذاب في العالم..! وهذه العينة الشاذة لا ترى في كذبه إشكالاً (وهم يتلون الكتاب!!) سبحان الله..! إنهم ذات (المماسيخ) الذين يسبون (الشيوعية) في السودان ويمدحونها (في الصين)..! إنهم ذات من تدربوا لتقلين (الطاغية الأمريكان الدروس) كما زعموا في أيام التمكين الأولى، وسقطت أقنعتهم بمرور الزمان.. وتكشف للكافة بأنهم تدربوا ــ فقط ــ لقتل الشعب السوداني ونهبه وإذلاله (قولاً واحداً) لا رجعة فيه..!
* الكائنات المتناقضة لا تستطيع أن تتصالح مع (الواقع الحقيقي!) لكنها تتكيف مع (الواقع المزيف!) وترغب أن يكون الجميع (عند رغبتها) حاضرين..! كائنات بهذه الإزدواجية المقيتة من الطبيعي أن يتجاوزوا (أصل الحصار) وبمنتهى الخفة يتمسكون بطلاء (الأفراح المصنوعة) احتفاء بانتهاءه (قبل نهايته المرجوة!) بينما الوطن كله (مأتم).. ثم.. الأيام حبلى بالمفاجآت.. وستكون أقلامنا ضد الفئة الضالة على الدوام؛ لا يُفرحها سوى زوال الغمة وطرد الشر الحاكم..!
* أيها الطناجير: مؤكد أن القلوب هي التي تعمى.. ولن نتفق على شيء.. أنتم تتحدثون عن (بردعة) الحصار الأمريكي؛ والقضية السودانية في متنها يجسدها حمار (التسلط).. لو كنتم تعقلون..! فكيف نقنع من كان جحشاً إذا اتخذ مسار الحمير؟!
أعوذ بالله
أصوات شاهقة – عثمان شبونة
صحيفة الجريدة