برز صراع علني أو خفي بعد رفع العقوبات الاقتصادية عن السودان، وأصبحت هناك أجنحة وجهات داعمة للذي تم وجهات مثبطة، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه الآن لمصلحة من هذا؟ ولماذا هذا الصراع؟ ومن المستفيد من ذلك؟ فإذا كانت هناك جهات كثيرة كانت وراء هذا العمل النبيل الذي تكلل بالنجاح وساهم في عملية رفع العقوبات، لماذا هذه الضجة الإسفيرية التي تحاول أن تفسد هذا العمل الكبير؟.
من المفترض أن يكون الجميع كتلة واحدة طالما شاركوا من أجل المصلحة الوطنية والعمل لا ينسب إلى شخص واحد، حسب ما ذكر وزير الخارجية البروفيسور “إبراهيم غندور” في المؤتمر الصحفي، نحن لا ننكر دور المملكة العربية السعودية في ذلك، وكذلك سلطنة عمان وقطر والإمارات والكويت وإثيوبيا والاتحاد الأفريقي، وكل الذين وقفوا داعمين لرفع العقوبات، ولكن استوقفني حديث أحد المصريين عندما استضافته إحدى القنوات الفضائية المصرية، وسألته المذيعة عن دور إسرائيل خاصة “نتنياهو” في رفع العقوبات الاقتصادية عن السودان. وذكر أن “نتنياهو” جلس مع الرئيس الأمريكي “أوباما” وطلب منه رفع العقوبات عن السودان، إذن تدخل إسرائيل في الملف السوداني هو الجديد، ولكن إسرائيل وبالأخص “نتنياهو” يعيدنا إلى خبر كانت قد نشرته الموءودة صحيفة (المخبر) السودانية التي كان يرأسه تحريرها الأستاذ “أحمد كمال الدين” ومدير تحريرها الأستاذ “أحمد محمد شاموق” نشرت الصحيفة خبراً أن “نتنياهو” سوداني، وولد بالمنطقة الشمالية وتدخل “نتنياهو” في الشأن السوداني يكون من باب الحنين إلى الوطن، لأن السودان في الفترة الماضية كان متهماً بالانحياز إلى حماس، وكان الداعم الأول لها بالسلاح، وقد نفذت عدة ضربات في البحر الأحمر ومصنع “اليرموك” بالخرطوم، ولكن كل ذلك ربما لم يؤثر في “نتنياهو” وعلاقته بالسودان وأهله، ولم يوقف دعمه له، وإذا كان “نتنياهو” وقف إلى جانب السودان، فمن باب أولى أن ينسى المتصارعون أي خلاف أو حساسية بينهم متعلقة بهذا الملف حتى لا تؤثر تلك الصراعات على الوطن أجمعه.
نحن لم نصدق أن أمريكا قد رضت عنا وعادت الحياة إلى الجسم المنهك أو المتعب جراء تلك العقوبات الطويلة التي أقعدتنا عن التطور والنهضة، فالعمل الذي تم كبير جداً ولا يستطيع أن يدَّعي أحد أنه تم بمعزل عن الآخرين أو قام به فرد واحد، فالمصلحة تقتضي التعاون مع بعض ولا دائم إلا الدائم، ومن صنع الإنجاز سيكتب اسمه في السجل الخالد.
أن رفع العقوبات عن السودان إنجاز وطني خالص ويحمد للأصدقاء من الدول الصديقة والشقيقة التي ساهمت بقوة وبصمت فيه، وستكون هنالك لوحة مكتوبة بماء الذهب لكل من وقف إلى جانب هذا العمل سراً أو جهراً، ولذلك يبقى أن ندعم هذا الملف جميعاً وأن نبعد عن الأطماع الشخصية وأن تمتد الأيادي بيضاء لمصلحة هذا الوطن الذي عانى كثيراً وأرهقه هذا الحصار الاقتصادي بدلاً عن صراع لا يخدم أي غرض غير الفرقة والشتات، كما هو الحال الذي أدى إلى الحرب في دارفور، وكانت شرارتها مثل هذه الأقاويل وامتدت تلك الشرارة حتى قضت على الأخضر واليابس، كما قضت على وحدة البلاد بانفصال جزء عزيز مننا، ألا وهو دولة الجنوب التي فتك بها الصراع القبلي وشتت أبنائها بعد أن زيَّن لها الآخرون جنة عدن.
صلاح حبيب – لنا راي
صحيفة المجهر السياسي