العقوبات الأمريكية التى فرضت فى عهد الرئيس بيل كلينتون عام 1997م بموجب القرار رقم 13067 والذى ينص على فرض عقوبات إقتصادية وتجميد الأصول المالية على السودان وإلزام الشركات الآمريكية بعدم الإستثمار والتعاون مع السودان ثم ضرب مصنع الشفاء للأدوية عام 1998م بحجة تصنيعه أسلحة الدمار الشامل . ودعم الحظر بالقرار آخر رقم 13400 فى عام 2006م فى عهد الرئيس جورج بوش ليزيد من تشديد تلك العقوبات و رفع قضية الإبادة الجماعية فى مناطق الحرب الى المحكمة الجنائية الدولية والحد من تحركات الحكومة الدبلماسية . كل تلك القرارات التى أضرت بالسودان وشعبه قبل الحكومة كانت للأسباب خوف أمريكا من الإرهاب الذى تمثل فى إحتضان الحكومة للأسامة بن لادن وبعض الفارين من دولهم ودعم غزة وقرارات حكومة الترابى برفع الشعارات المعادية التى تهدد أمن وسلامة العالم وخاصة أمريكا كما تدعى .
لكن رغم تلك القرارات التى عطلت التنمية وتسببت فى رفع الأسعار وإنهيار الإقتصاد وهجرت المواطن للبحث عن عمل خارج حدود بلادة نجد الحكومة تراجعت عن الكثير من تلك القرارات والأسباب ومن ضمنها مغادرة إبن لادن السودان وفصل الجنوب والتفاوض مع الحركات المسلحة والتنازل عن الشعارات التى كانت ضد أمريكا والتعاون مع المجتمع الدولى لمكافحة ما يسمى بالإرهاب وإلزام الأخوة العرب والمسلمين بتأشيرة دخول وتعويم الجنية وزيادة الضرائب ورفع الدعم وغيرها . إذا نظرنا الى اليابان بعد الحرب العالمية الثانية بعد أن دمرتها تلك الحرب نجدها وقفت وأصبحت فى مصاف الدول الإقتصادية ولم تنتظر التعويض والدعم وكذلك سنغافورا التى كانت تحلم بمياه شرب أصبحت اليوم من أكبر الدول إقتصادا وإستقرارا وماليزيا وكوريا وأندونيسيا والهند والصين حتى أثيوبيا التى أهلكتها الحروب والجفاف تخطو نحو المستقبل ، كلها دول إعتمدت على التعليم والإنتاج والتنمية والعدالة وذلك بالإهتمام بالتعليم وفتح الإستثمار الخارجى وزيادة الخبرات لرفع الكفاءات وليس بتشريدهم أو تحويلهم الى الصالح العام وتعيين كودر الحزب وإهمال التعليم والصحة .
الذين يفرحون بالقرار الأمريكى أولا يجب عليهم أن يطلبوا رفع هذه العقوبات والإبتلاءت من الله سبحانه وتعالى وأن يعبدوه كما أمرهم ووعدنا بأن رزقنا فى السماء وهو الرزاق ذو القوة المتين وأن تحاربوا الفساد الأخلاقى والمالى ليرفعكم فى عليين وتكسروا حاجز العقوبات الأمريكية بتوكلكم وإيمانكم بالله . رفع العقوبات الأمريكية الآن له مدلولاته رغم الأسباب بتدخل بعض الأشقاء والأصدقاء رأفتا بالشعب السودانى الذى صبر وتحمل أخطاء من أخطأ فى حقه وقد تحمل رسولنا الكريم صل الله عليه وسلم مقاطعة قريش فى شعب مكة وتحمل المسلمين تعذيب الكفار لهم فى بداية الدعوة وتحمل قوم موسى بطش فرعون ولنا فى القرآن قصصا وعبرا لنصبر ونحتسب ونتقى الله.
هذا القرار المشروط لايؤثر علينا ولا يهمنا والمفروض على الحكومة لا تعطيه كل الزخم الإعلامى والإهتمام لترسل رسالة الى أصحاب القرار صبرنا أكثر من عشرين سنة على هذه الحال بظلمكم ولا يضيرنا أن نصبر أكثر.
إذا إستثمرنا الكفاءات وأهتمت الحكومة بالتعليم ومحاربة المفساد وفتح الإستثمار بدون قيود للأصبحنا فى مقدمة الدول الإقتصادية و زراعيا وصناعيا وتنمويا وتعليميا ولجعلنا أصحاب القرار يتوددون لنا لكننا إستسلمنا للقرار وتمسكنا بالكرسى وركضنا خلف المناصب (حكومتا ومعارضة ) الى أن وصلنا الى هذا الحال فى إنتظار خبر رفع قرار الحظر . لقد تم رفع القرار المشروط جزئيا فهل نسعى لرفع الكفاءات ونتجه للإنتاج والتنمية ونترك خلافاتنا وأطماعنا . علينا أولا بمكافحة الفساد ومن يقل ليس هناك فسادا فهو منهم و لا يرى بعين الحق والعدل والوطن . الفساد المالى والأخلاقى والمهنى موجود فى القصور والمكاتب والمعاملات التجارية والزراعة والدوائر الحكومية الخدمية وفى الصالات الليلية . إننا والله لا نحتاج الى أمريكا لتملىء علينا شروطها وتطعمنا من سمومها لكن نحتاج لتنقية نفوسنا من الأحقاد والأطماع ولحل خلافاتنا الدنيوية ولبسط العدل كما أمر به الشرع وإعادة الكفاءات الوطنية المخلصة ومنحها الفرص للإبداع ودعم المواطن للإنتاج والإهتمام بالتعليم والصحة وإعادة كل الأموال التى إستثمرت خارج الوطن ومحاسبة كل مقصر .
عمر الشريف