حديث المدينة الاثنين 16 يناير 2017
مجلس الوزراء السوداني أعلن أمس تمديد وقف إطلاق النار في المنطقتين (جنوب كردفان – النيل الأزرق) لمدة 6 أشهر أخرى.. في ما يبدو اتساقاً مع قرار الرئيس الأمريكي أوباما برفع العُقُوبات جزئياً عن السودان ثم مُراجعة القرار بعد ستة أشهر للتأكد من استمرار الحكومة السودانية التزامها باستمرار وقف العمليات العسكرية والسماح بالمُساعدات الإنسانية..
حسناً؛ قرار مجلس الوزراء السوداني عين العقل، فهو يقدم التي هي أحسن لمزيدٍ من كسب الثقة.. لكن يثور سؤال محير.. لماذا التمديد لـستة أشهر؟؟
أولاً: هذا القرار يبعث برسالة سالبة جداً، كأني به يقول (على قدر مهلتكم).. أي تماماً على قدر الستة أشهر الأمريكية الممنوحة للسودان لتأكيد حُسن السير والسلوك..
بحساب الزمن، تمديد وقف إطلاق النار سيكون حتى (6) يونيو.. أي عز موسم الأمطار في المنطقتين.. فيصبح السؤال؛ لماذا لم يمدد مجلس الوزراء وقف إطلاق النار لعام كامل – مثلاً – لإثبات أنّ الأمر لا علاقة له بالمُهلة الأمريكية.. وعملياً تتعطّل العمليات العسكرية في موسم الأمطار..
بل؛ وهو الأفضل.. لماذا لم يُفاجئ مجلس الوزراء الجميع فيعلن وقف إطلاق نار دائم؟
بكل تأكيد مثل هذه الرسالة القوية كافية لتجعل كل الجهات تعيد النظر في سياساتها ومواقفها وعلى رأسها الحركات المُسلّحة نفسها.. التي سيطالبها المجتمع الدولي برد التحية بأحسن منها.
صحيحٌ أنّ ترتيبات وقف إطلاق نار دائم تتطلّب مفاوضات مع الفصائل حاملة السلاح، لكن من قال إنّ (المُفاوضات) هي عملية داخل القاعات المغلقة فقط.. لا.. على العكس تماماً أقوى المَواقف التفاوضية هي التي تكتمل خارج القاعات ميدانياً على الأرض.. فرض الأمر الواقع.. فإذا رفضت الحركات المسلحة الاستجابة لوقف إطلاق النار الدائم تضع نفسها في مواجهة مع المُجتمع الدولي.. وإذا استجابت فنعما هي.. تنير طريق السلام وتقارب النفوس، بل وترفع عن المُواطنين في مناطق الحروب أثقال الحرب وفاتورتها الباهظة.
في تقديري الحكومة السودانية أولى من غيرها النظر بحساسية بالغة لمُعاناة مُواطنيها في مناطق الحروب.. وأيِّ ثغرة أمل في وقف الحرب يجب أن تتحوّل إلى برنامج عمل عاجل للغاية بعيداً عن الروتين الحكومي وانتظار جولات المُفاوضات والمبعوثين والوسطاء.. فكل ساعة حرب تمر تعني طفلاً يتيماً لأم أرملة.. وملايين الأطفال الذين فاتهم قطار التعليم ينتظرون على أحرّ من الجمر عودتهم إلى المدارس..
أقترح على مجلس الوزراء إعادة النظر في مهلة الستة أشهر.. وإعلان وقف إطلاق نار شامل دائم.. ولتكن بعد ذلك المُفاوضات على أقل من مهل المُتمهلين في الطرفين.. فالأهم هو إطلاق سراح المواطن السوداني من أغلال الحرب الضروس..
بالله عليكم.. ما يضر الحكومة إن هي أعلنت وقف إطلاق النار الدائم؟؟
أجيبوني..!!
عثمان ميرغني
صحيفة التيار