لقد وصل الوضع الاقصادى فى السودان درجة البلاء .. ووصلت المعاناة الحد ، وأصبحنا كالغريق الذى يبحث عن طوق النجاة ، وليس المهم من ألقى إليك الطوق ، المهم الطوق نفسه .. وعلى كل حال الأكثر أهمية أن لا يكون هذا الطوق مفخخا ويؤدى إلى الدمار والغرق فى أن واحد ..
لقد سعدت كثيرا للتفاؤل الذى بدأ على الجميع وتوقعات ارتفاع قيمة الجنيه السودانى أمام الدولار .. وتدفق العملات والشركات والمستثمرين على البلاد .. ولكن يجب علينا أن نكون أكثر وعيا وادراكا حتى لا نحبط عندما ننزل إلى السوق ونجد الأسعار فى مكانها كما هي ولم يتغير شيئا …
وعلى سبيل المثال إذا كان عندنا سجينا لعشر سنوات ثم أطلقنا سراحه وخرج من السجن هل بإمكانه فور خروجه أن يدخل السوق ويشترى ما يعوزه وجيبه خاليا إلا من خطاب الإفراج ؟ بالتأكيد لا .. يحتاج لوقت ليدبر أمره وهكذا هذا القرار .. نعم منحنا حرية التعامل مع الآخرين ، وهذا أمر ايجابى ولكننا نحتاج للكثير من العمل لنستفيد من هذه الميزة .
وما أود قوله القرارات السياسية تشجع الاقتصاد ولكنها لا تصنعه .. فلا تنتظروا أن يتغير كل شيىء بين عشية أو ضحاها .. وبدون العمل وزيادة الإنتاج لا جنيه برتفع ولا دولار بنزل وأكبر دليل على ذلك جمهورية مصر العربية ليس عليها حصار ولا شنار والدولار فيها بعشرين جنيه ؟؟؟
ولقد فرحت كثيرا بالخبر ولكننى ضحكت أكثر من بعض التعليقات والتى تهلل بانهيار الدولار ؟ هذه حالة مؤقته وسترون فى الأيام القليلة القادمة عودة نشاط السوق الموازى وتماسك الدولار إن لم يتبع ذلك حزمة جديدة وكبيرة من قرارات استقطاب مدخرات المغتربين للاستفادة من هذا الزخم ودخول العلاقات السودانية الأمريكية منعطفا جديدا .
وقبل الختام اقول للذين يقولون بانهيار الدولار : ادخلوا السوق .. واسالوا عن ثمن كيلو اللحمة والبطاطس والبصل وجوال الاسمنت وطن السيخ والطوب والبلك .. وجرام الذهب وأسعار الأدوية ومستلزمات المدارس … إذا وجدتم هذه السلع قد انهارت ابشروا بانهيار الدولار .
وأخيرا .. ما حدث مهما يكن فهو قرار تاريخى وهو فى صالح الوطن والمواطن على المدى البعيد ، أشك أن هنالك سودانيا لم يفرح له ويسعد به ، أتمنى أن ينزل بردا وسلاما على الجميع وان يكون سببا فى الاستقرار وبسط الأمن والسلام والوفاق والاتفاق بيننا ، ليس من أجل حزب أو نظام ولكن من أجل الوطن .
ودمتم بخير ..
بقلم
أحمد بطران