وفاء الأزواج ما بين “نزار قباني” و(في ذكرى فوزية) و(الملساء ما غبشاء)

أذكر قبل فترة كتبت مقالاً عن وفاء الزوج لزوجته حية وميتة، وقلت بعد أن استمعت للأغنية الرائعة التي تغنت بها الفنانة “ندى القلعة” في أحد برامج العيد التي مجد فيها أحد الأزواج زوجته، قلت: (ما زال المجتمع السوداني بخير طالما أن هنالك من يكن لزوجته كل المحبة والود)، وذكرت أمثلة أخرى تؤكد عدم الوفاء وحينها جاءني رد من أحد الأوفياء لزوجته، بل وجاءني بشخصه وشرح لي كيف وما زال يكن لزوجته كل الود والاحترام بعد أن مر على زواجهما أكثر من (30) عاماً وتخرج أبناؤهما في الجامعات.
أقول هذا وفي خاطري كتاب الخبير الدولي في مجال المياه د.”سلمان محمد أحمد سلمان”.. كتبه بمناسبة الذكرى السنوية لوفاة زوجته “فوزية” التي انتقلت إلى جوار ربها سبتمبر من العام 2015م.. كتبه باللغتين العربية والإنجليزية، وجاء في أكثر من (100) صفحة.. حينها تذكرت على الفور الوفاء والأغنية الرائعة “لندى القلعة” التي تقول كلماتها:
دي السمحة أم ولدي بتشيل قفاي سندي
بتعيش معاي راضية الله.. الله كان عندي وما عندي
الحسيسة العشورة السامية في شعورها
ما جابت ملامة الله الله.. وما قطعت الشورى
راضية بالعيشة كان كسرة كان عيشة
وإن مافي ما قالت الله الله.. يا ناس د ما عيشة
ما مرقت من جوة وما سوت العوة
ماليها بفلانة الله الله.. وفلان عمل سوى
حكامة كان فُتَ رباية كان مُتَ
بتعيش وليداتها الله الله.. ما تجيهم الحتة
كريمة يا بنية كان جو ضيوف مية
ملساء ماغبشاء.. ناعمة ما غبشاء.. نايرة ما غبشاء
في راسي ما نقرت الله الله.. وما سوت الدوشة
بتصلي صلواتها الخمسة في أوقاتها
ما نامت بعشاها الله الله.. لا يوم صبح فاتها
حامدة ما جاحدة الله الله.. كان عندي وما عندي
نعم.. هذا الوصف يجب أن نقف أمامه، وهو يؤكد الوفاء الحقيقي، وقد جاء شيطان الشعر لهذا الزوج الوفي ليولد في دواخله الرغبة في الكتابة في حق زوجته، وللأسف رغم أنني بحثت ونقبت لمعرفة كاتب هذه الكلمات لم أستطع معرفته، كما لم أعرف من لحن هذا الكلم الجميل… فلو عرفناه لذهبنا إليه وتعرفنا عن قرب على زوجته حتى ننهل من بحر هذه الصفات الجميلة.
{ (في ذكرى فوزية)
وددنا هنا أن ننقلكم عبر هذه المساحة إلى نماذج من الوفاء لنقرأ ما كتبه وقاله الدكتور” سلمان” في رثاء زوجته “فوزية” في كتاب سماه (في ذكرى فوزية):
(منذ أن اختطفتك يد المنون تغير كل شيء خلال العام.. أطبق الصمت يديه على كل ما حولنا وأصبح لغة التخاطب.. تمدد الحزن ليلاً لا يعرف فجراً.. بحراُ ليس له شطآن وصارت كل الأيام والتواريخ هي يوم الأحد السادس من سبتمبر من العام 2015م.
وما تزال صورك معلقة على الجدران وفوق رفوف الكتب وما تزال أوراقك وأقلامك رابضة فوق منضدة عملك ومعها الحاسوب المتنقل وهاتفك السيار، بل وما يزال كتاب “أهداف صغيرة وإنجازات كبيرة” للكاتبة “آيلين موليفان”، “راقداً” على المنضدة وعليه مؤشر أنك قد بدأت قراءة الفصل السادس والذي عنوانه “لماذا يجب أن يكتمل ذلك المشروع اليوم؟”)، وأضاف قائلاً في (جرح الزمن الجائر):
(يا وجع الزوج المنكوب
يا ألم الحلم المسكوب
يا شوق القلب المغلوب
يا كرب العمر المسلوب
يا ذكرى السنوات الطويلة
يا شفق المغرب يوم الموت
يا طلعته المأساوية
يا ليل الحزن الأبدي
يتمدد أعواماً.. دهراً
في قلبي في عقلي في أرقي
في أدمع عيني
{ “بلقيس” كانت أجمل الملكات
كتب الشعراء السودانيون للأم والأخت والحبيبة، وجاءت كتاباتهم عن الزوجة شحيحة.. وفي العالم العربي كان الشاعر “نزار قباني” أشهر من كتب عن زوجته في قصيدة المشهورة “بلقيس” التي تقول بعض كلماتها:
بلقيس..
كانت أجمل الملكات في تاريخ بابل
كانت أطول النخلات في أرض العراق
كانت إذا تمشي..
ترافقها طواويسٌ..
وتتبعها أيائل..
بلقيس .. يا وجعي..
ويا وجع القصيدة حين تلمسها الأنامل
هل يا ترى..
من بعد شعرك سوف ترتفع السنابل؟

المجهر السياسي

Exit mobile version