لم تخيب الحركة الشعبية لتحرير السودان (قطاع الشمال) ظني فيها فقد أعلنت قبل أيام قليلة عن اتفاق بينها وبين الحزب الشيوعي السوداني لتطوير العمل المشترك و(تصعيد النضال السلمي الديمقراطي لاسقاط النظام).
نعم ، لم يكن ذلك البيان المشترك الذي أعقب اجتماعاً ضم الطرفين مفاجئاً لنا فقد كان معلوماً لدينا منذ زمان بعيد أن هناك تحالفاً عقائدياً قديماً بين قطاع الشمال (الشيوعي) والحزب الشيوعي السوداني ولا أحتاج إلى ذكر انتماء عرمان أمين عام الحركة الشعبية إلى الحزب الشيوعي منذ شبابه الباكر ثم خروجه من السودان قاطعاً دراسته بجامعة القاهرة فرع الخرطوم وانضمامه إلى قرنق في منتصف ثمانينيات القرن الماضي حين كانت الحركة الشعبية تتبنى مانفيستو ماركسياً سيما وأنها كانت تتلقى دعمها الأكبر من قبل نظام الرئيس الإثيوبي منقيستو هيلي مريام ذي التوجه الشيوعي.
صحيح أن قرنق كان وقتها يتبنى توجهاً ماركسياً لأغراض التمويه والمخادعة للنظام الإثيوبي لكنه سرعان ما عدل توجه الحركة ودستورها ليتواءم مع توجهات الحاضنة الأمريكية الأساسية التي تبنت قرنق ووفرت له بعثة دراسية حتى مرحلة الدكتوراه في جامعة ايوا الأمريكية.
معلوم أن الحركة الشعبية لتحرير السودان كانت تتبنى ما يسمى بمشروع السودان الجديد وعندما انفصل الجنوب ظل تابعها(قطاع الشمال) بقيادة الشيوعيين عرمان والحلو وعقار يتبنى ذات الطرح الذي يتماهى مع طرح الحزب الشيوعي السوداني المتقاطع مع طرح الحركة الشعبية من حيث استناده على النظام العلماني المناهض لأي دور للدين في الحياة العامة كذلك فإن الحزب الشيوعي وقطاع الشمال يعملان على إسقاط النظام بغض النظر عن البديل.
أود أن أذكر بذلك الشريط المسرب قبل نحو أربعة أشهر والذي أدلى به الناطق الرسمي باسم قطاع الشمال مبارك أردول والذي قال فيه أن تحالفهم مع عدد من مكونات قطاع الشمال مثل السيد الصادق المهدي والقياديين بحركات دارفور المسلحة جبريل إبراهيم ومني أركو مناوي ، تكتيكي مرحلي وأنهم يعولون على تحالف استراتيجي مع الشيوعي فاروق أبوعيسى زعيم تحالف قوى الإجماع والمتمرد الدارفوري الشيوعي عبدالواحد محمد نور .
ما يؤكد رسوخ ذلك التحالف أن قطاع الشمال أورد في رسالة سابقة خاطب بها مؤتمر الحزب الشيوعي السادس الذي انعقد في العام الماضي ما يلي : (أن حزبكم هو حليف استراتيجي يؤمن بدولة المواطنة بلا تمييز وبازالة الفقر والتهميش وبديمقراطية الثقافة والثروة والسلطة وهذا هو مربط الفرس).
نص بيان الحزب الشيوعي وقطاع الشمال كذلك على أن يعمل الحزب الشيوعي والحركة الشعبية (قطاع الشمال) على (توحيد المعارضة بكافة أقسامها في مركز واحد مرن قادر على التصدي لمهام العمل اليومي وتصعيد النضال لإسقاط النظام) كما دعا إلى تعزيز العلاقات بين قوى المعارضة استناداً على ما تم التوافق عليه من تفاهمات ومواثيق سيما نداء السودان والإجماع الوطني والانفتاح على القوى الاجتماعية الجديدة).
إذن فإن الحزب الشيوعي والقطاع الشيوعي سيقودان تحركاً يستند عليهما شبيه بذلك الذي قام في مراحل مختلفة من تاريخ السودان الحديث منذ التجمع الوطني الديمقراطي وحتى تحالف قوى الأجماع ونداء السودان.
السؤال الذي يلح علي بقوة هو هل يندغم السيد الصادق المهدي مع عرمان وقطاعه البغيض ثم هل يتماهى ويتحالف جبريل ومناوي مع قطاع الشمال الذي تلاعب بهما وخدعهما ورفض رئاستهما للجبهة الثورية رغم أن المرجعيات الفكرية للحزب الشيوعي وقطاع الشمال وتوجهاتهما وأهدافهما الاستراتيجية تتناقض مع أهدف حركتيهما؟
الطيب مصطفى
صحيفة الصيحة