يتهادى صوت (أم كلثوم) إلى مسامعي رقراقا بالأسى.. ورغم ما يحدثه فيّ دائما من تحليق ونشوى.. ها هو اليوم يطبق على قلبي بيد من وجع.. ينكأ جراحا قديمة ويفقأ عين الحقيقة التي ظللت أغض طرفها زمنا لدواع الحرص على كبرياء زائف أراقه رجل ما ذات غرور متناهٍ ولا مبالاة قاتمة!
* رجل.. ظننته كل الأمان والحنان والوفاء.. ورحت أحفه بالإخلاص والولاء.. وأسدل بينه وبين شبقي ستر الحياء.. كي أحفظ لوجه غرامي ما به من ماء.. ولكنه اغتال حسن ظني بطعنة نجلاء.. ومضى في طريق غروره بكل خيلاء.. تاركا وجعي يكبر كل يوم والشك يقتات من روحي، ولا أستطيع أبدا أن أقطعه باليقين فلا يزال في القلب الكثير من العشم والرجاء!!
* نعم.. أعلم مقدار ضعفي وهواني عليه وعلى الناس! ولكنها الحقيقة السافرة.. إنني أهرب من مواجهة ظنوني وشكوكي.. رغم قناعتي الداخلية بأنها كائنة لا محالة.. ولكني أكابر.. وأتغاضى عن ثورة الشك المعربدة في أعماقي، فأنا كبعض الشعوب العربية.. أطأطئ رأسي لكل العواصف.. وأتجاهل عربدة الرغبة في التغيير.. وأخشى أن أطيح النظام.. ربما خوفا من الآثار التي تخلفها كل ثورة صادقة.. لذا أفضل أن أبقى على ما أنا عليه، على أن أحتمل مسؤولية التغيير!!!
* يا لجبني!!! ويا لضعف النساء العاشقات!!! ويا للقهر الذي أستشعره وأنا ألمح طيف أخرى يتجول على حدود حياتك وقلبك!.. ألمحها.. أعرفها.. وأدرك حجم الفاجعة! ولكني أبتلع دموعي وغيرتي وجرح كرامتي وأدعي اللاعلم!!
* لماذا يا ترى؟.. أي حب ذلك الذي يحتمل العيش في هذا الدخان الأسود من الظنون؟.. وأي حياة تلك التي يمكن أن تمضي برغم الحنق الكامن في الحنايا؟!
* لم تعد أعصابي تحتمل كل هذا الضغط!!.. ولا عدت أتقن هذا الدور الباهت لمهرج سخيف يرسم على وجهه الابتسامات بينما يتلوى من الألم.
* سأفجر ثورتي إذا.. سأواجهك بالحقائق المجردة والأدلة الدامغة والظنون الأكيدة والهواجس الموضوعية!! لن أنتظر تبريراتك الواهية ودموعك الكاذبة ورجاواتك الممجوجة.. سأدهشك بكوني كنت دائما أول من يعلم.. ولكني أسبغت عليك تسامحي على أمل أن تستقيم يوما وترعوي وتعود لأحضاني نادما على حب كبير لا يستحق منك هذا الجحود.
* سأثور على وداعتي وسذاجتي وضعفي وأقوض حكمك الديكتاتوري على وجداني.. ولكني.. سأمنحك الفرصة لتشارك في الانتخابات.. وأعلم يقينا أنني سأعمد لتزوير النتائج لتوافق هوى هواني وضعفي!!!!
تلويح:
أكاد أشك في نفسي لأني
أكاد أشك فيك وأنت مني!!!!
داليا الياس – اندياح
صحيفة اليوم التالي