* كنا نتبع شيخ ماهر- في حلفا – من قرية إلى أخرى..
*وليست روعة دروسه الدينية هي التي كانت تضطرنا إلى أن (نقطُره) حيثما ذهب..
* وإنما روعة ما كان يُقدم من عشاء عقب الفراغ من الدرس ..
*كنا نقارن بين ما قُدم من عشاء في قرية (19) ـ مثلاً ـ وما قُدِّم في قرية (18) أو (20)..
*ما كنا نُلقي بالاً ـ إلا قليلاً ـ لدروس شيخ ماهر حين يأتي من مصر..
*وفي ليلة من ليالي الوعظ – ولذيذ الطعام – تبدَّل الحال..
*فقد لفت انتباهنا خلال ليلة مصنع السكر انفجار الحاضرين في ضحك صاخب مفاجئ..
* ضحك أفزع الطيور الساكنة على فروع الأشجار المحيطة بالمكان..
*واتجهت حواسنا ـ لأول مرة ـ إلى الشيخ بدلاً عن الطعام..
* فوجدناه يتحدث عن رجال يراهم الناس ذوي هيبة ، وتراهم زوجاتهم (أي كلام)..
*فالزوجة هي أكثر من يرى الرجل على حقيقته المجردة..
*فهو بمقدوره أن يمثّل أمام الناس في الخارج..
* ولكن صعب عليه أن يمثّل أمام زوجته التي تعرف (البئر وغطاها)..
*وفي الفيلم العربي تفاجأ الزوجة ببعلها ( المعلم) يحاول أن يعمل معها (الشويتين بتوعه)..
*أي من قبيل ما درج على فعله أمام صبيانه وأتباعه وأبناء (كاره) ..
*تفاجأ الزوجة بذلك ثم تنظر إلى زوجها بازدراء شديد قبل أن تبصق داخل فستانها..
* ثم تصيح (لا خوفتني ، أرعبتني ، خضيتني ، يا راج اتنيل)..
*و(يتنيل) الراجل …
*وقبل أن يخرج التماساً للعزاء بالخارج – حيث هو السيد – تطرق أُذنيه عبارات حرمه..
* عباراتها وهي تصرخ ( قلتلي راجل البيت ؟ بأمارة إيييه يا خويا؟)..
*ففي الخارج هناك هو السيد ، وهو المعلّم ، وهو الكبير..
*أما داخله فهو (واحد متنيل على عينه) في نظر زوجته سليطة اللسان..
*ثم لا ينسى شيخ ماهر أن يذكر نماذج من شاكلة هذا الرجل..
*من شاكلة الذين هم أسود في الخارج ، ونعام بالداخل..
*ويتعالى الضحك فتزداد الطيور رعباً وحركة وتصفيقاً بالأجنحة..
*ونتطلع إلى الضاحكين ونتساءل : من يا ترى الذي ينطبق عليه توصيف الشيخ منهم؟..
*وهنالك مقولة مصرية قديمة عن الفرعنة..
*فقد قيل أن فرعون – سيد الاسم – سُئل عن السبب الذي جعله ( يتفرعن)..
*فرد قائلاً ( ما لقتش حد يقلي لا)..
*اللهم إلا (امرأته) ربما !!!
صحيفة الصيحة