عمليات الاختطاف.. معدلات متزايدة في أرض القاش.. مصير مجهول

لم يكف أهالي كسلا من الحديث عن (عروس) خرجت من منزلها باكراً لشراء مستلزمات (تورته) كانت تنوي صنعها لضيوف وعدوا بزيارتها بعد مرور شهر، وأكثر بقليل من زفافها، ومنذ عشرة أيام غابت عن منزلها قسراً، وهي واحدة ضمن أعداد هائلة من الأطفال والشباب، خرجت ولم تعد حتى الآن.
تعود تفاصيل القصة إلى أنه بعد انتهاء العروس من شراء حاجاتها من سوق كسلا، وكانت على أهبة الاستعداد للرجوع للمنزل، استقبلت مكالمة هاتفية من أهلها، وطلبوا منها أن تأتي لهم بـ (دكوة)، وعندما تأخر الوقت ولم ترجع المنزل اتصلوا عليها مرة أخرى، ولم ترد، وبعد عدد من المحاولات أغلق الهاتف تماماً، ودونت أسرتها بلاغاً في الشرطة وتمت مراقبة الهاتف عبر رقمه السري، وحدد مكان الهاتف وعند وصول الشرطة للمكان والبحث فيه لم يجدوا أحداً، ووجدوا الهاتف مُلقى على الأرض.

نساء حائرات
البحث لا يزال جارياً عن العروس وكذلك تتزايد توقعات بعودتها وترتفع آمال أسرتها وزوجها بأن يجدوها بخير، لكن (ف،ع) – ربة منزل – لم تستبشر خيراً مثلما لا يستبشر مواطنو المدينة بذلك. وقالت: “بات الخطف أمراً مروعاً، وبعد أن كنا نخاف على أبنائنا الصغار صرنا نخاف على أنفسنا أيضا، ولا نكاد ننسى هذا الأمر حتى يتجدد مرة أخرى مع تكرار عمليات الاختطاف التي تتمدد يوماً تلو الآخر دون رادع لها”. وأضافت: “الأمر جد محزن لأن المسؤولين من سلامتنا لا يأبهون للأمر ولا تهمهم سلامتنا، ربما لا يكون حدسي صحيحاً لكنني أشعر بذلك، من خلال زيادة وتيرة الاختطاف الذي طال نساء المدينة بجرأة ودون خوف من أحد ما جعل الأمر محيراً”.

وضع خطير
و(ف،أ) – ربة منزل – التي تعتمد عليها أسرتها الصغيرة في إحضار مستلزمات المنزل بعد اغتراب زوجها، ترى أن الوضع خطير وفات حد الصمت، وقالت: “الأمر جد خطير وعلى المسؤولين إيقاف هذه الفوضى لأننا غير آمنين داخل منازلنا، ونخاف على أنفسنا وأبنائنا”. وتساءلت: “ما فائدة أن نعيش الخوف والرعب كل لحظة، هذه العروس اختطفت من وسط السوق وفي وضح النهار”.

هدوء سبق العاصفة
أما (س،ع) –موظفة – تقول: “كان الاختطاف يستهدف الأطفال والشباب، ووضعنا خططاً للحماية الذاتية، بعد أن عرفنا كل وسائلهم التحايلية في ذلك، واطمأننا لما بدأ الوالي محاربة المتاجرين بالبشر، لكن يبدو أن الهدوء النسبي الذي عشناه قرابة العام، كان الذي يسبق العاصفة التي اجتاحت المدينة، بعد تنفيذ عدد من الاختطافات التي طالت الأطفال، ولا تكاد تنتهي قصة حتى تبدأ قصة أخرى شملت النساء في الفترة الأخيرة، وأيدت (م،م) – ربة منزل – ما جاء في حديث (س) وحكت قصة الطالبة التي حاصرها أربعة رجال في طريق عودتها للمنزل، وأجبروها على ركوب السيارة، ولحسن حظ الفتاة أن الخاطفين وقفوا لتموين السيارة بالبنزين من طلمبة على مقربة من السوق، وبفتح جزء من زجاج السيارة لجعل الأمر عادياً شاهدت الفتاة عمها وصرخت تناديه، ولما كان هناك (موتوسيكل) يسير خلف العربة ظنوا أن عمها يتابعهم، رموها من السيارة وفروا هاربين، وكان صاحب الموتوسيكل منقذها وموصلها لأهلها.

يعيش أهل كسلا الرعب والخوف من المجهول لأن الخاطفين مجهولو الهوية، لكنهم يعملون وفق منظومة الجريمة المنظمة، لأنها تنفذ عبر أشخاص يدخلون الأحياء بجرأة ويتحدثون مع أهلها، سيما أولئك الذين يستهدفون الأطفال ويصطادونهم بواسطة أسئلة تحتوي على معلومات حقيقية عنه أسرهم، ما يبين أنهم يدرسون الحي المستهدف ويعرفون أسماء السكان، الأمر المحير بالنسبة للمواطنين أن الحكومة تقف مكتوفة الأيدي وعاجزة وهي وتتفرج على أطفال ونساء من المدينة، يختفون يوماً تلو الآخر دون أن تحرك ساكناً، وتصر على أن الأمر ليس سوى عمليات تهريب تتم بموافقة ورضا المخطوفين.
والي كسلا آدم جماع قال، في تصريحات صحافية، إن عمليات الاتجار بالبشر شهدت انحساراً واضحاً، مشيرا إلى أن إحصاءات الثلاثة أشهر الأخيرة ومقارنتها بذات الفترة من العام الماضي، توضح الجهود الكبيرة التي تم بذلها في الضرب بيد من حديد على تجار البشر.

كسلا – زهرة عكاشة
صحيفة اليوم التالي

Exit mobile version