كانت هيام تهيم حيا وعشقا بوالدها وتتباهی به بين البنات .. كانت معجبة بابيها اعجابا شديدا وتحكی كثيراً لصديقتها ورفيقة العمر سحر الساحرة عن كرم والدها واياديه البيضاء علی المساكين والمحتاجين وعن عطفه وحنانه وقلبه الكبير وصفاته النادرة بين الرجال .. لم تترك صغيرة أو كبيرة ولا شاردة ولا واردة إلا واوردتها .. الممتلكات والعمل فی دول الاوبك ومستوی الحياة الرغدة والرفاهية .. كل هذه المعلومات أصبحت معروفة ومالوفة عن والد هيام ولدی جميع الطالبات بداخلية الجامعة …
كانت سحر الصديق رقم واحد لهيام فی الصحو وفی المنام .. يقومن ويقعن سوی .. مافی اسرار بيناتهن .. زي التومات .. النوم ما بفرقن ، سريرن واحد ….
لقد تأثرت سحر كثيراً بالوصف والصورة الزاهية والتی رسمتها هيام لوالدها .. ابوي ما بكضب وابوي كريم وبدی المساكين والمحتاجين .. ابوي حنين .. ابوي طيب وعطوف .. راجل أخو اخوان وأبو الضيقان …..
فكرت سحر كثيراً وهي فی السنة الدراسية الأخيرة فی شريك حياتها ، شعرت بخيبات كبيرة فی سلوك اقرانها من الشباب الحائر والمتسكع بين الطرقات وفی حكايات زميلاتها .. لا واحدة ولا اتنين .. زواج .. ثم ولادة بطفل واثنين وتلاتة وبعدين الطلاق والتشرد والبشتنة والضياع .. لعلها كانت تخاف وتخشی ذلك المصير ..
شوهدت سحر أكثر من مرة وهي تجلس لوحدها علی حجر علی مسطبة .. تحت شجرة .. شاردة الذهن .. ولم يدر بخلد أي إنسان فيم كانت تفكر …. وبعد تفكير عميق اتخذت قرارها الأخير والمثير .. أخذت رقم موبايل والد هيام خلسة دون علمها من موبايلها واتصلت عليه وعملت فيها غلطانه فی الرقم وقامت بالاعتذار له بصورة مهذبة عن الإزعاج . ولأنه فعلا زول طيب كما وصفته ابنته هيام حاول ان يطيب خاطرها بكلمات .. فالتقطت سحر القفاز وعرفته بنفسها .. وبدأ التعارف وتوطدت العلاقات والتی وصلت الی النهايات السعيدة وتبادل الرسائل والصور والاتفاق علی الزواج ….
كانت المفاجأة الداوية الاولی يوم أن اتصل والد هيام علی أسرته واخبرهم بأنه الآن فی السودان وقد تزوج وأنه فی طريقه إليهم بصحبة زوجته …..
وكانت المفاجأة الكبری يوم أن وصل الوالد وبمعية زوجته ومدت هيام يدها لعروس والدها والتی لم تكن سوی سحر صديقتها الاولی ورفيقة العمر …..
لقد صدمت هيام ولم تصدق ولم تستوعب أن من أمامها صديقتها سحر بلحمها وشحمها وأنها أصبحت زوجة لوالدها … سألتها بعد أيام والحيرة والدهشة تعقد اللسان : وين لاقيتی الزول ده .. ابوي ؟؟؟ لم تكذب عليها وحكت لها ما حدث بالضبط … زادت دهشة هيام وهي تسأل صديقتها : اها وانتى العاصرك علی كدی شنو .. تعرسی ليك زول كبير قدر أبوك وانتی صغيرة وحلوة ومتعلمة ؟؟؟ اجابتها وهي تضحك .. انتی نسيتی كلامك عن أبوك .. ابوي كريم .. ابوي بدی .. ابوي حنين .. ابوي عطوف .. ابوي ما بكضب …. الصفات دی انا ألقاها وين فی غير أبوك ؟ احسن اعرس لي واحد صغير فی السن والعقل أجيب منو تلاتة ويطلقنی ويبشتن بي ويفكنی عكس الهواء ؟ فلم تجد هيام ما تقوله سوی أن تحدق فی وجه صديقتها وأم اخوانها المنتظرين وتلوذ بالصمت .
قالت وفاء راوية القصة امی كانت ضد الموبايلات ووسائل التواصل الاجتماعي ، عمرها ما شالت موبايل واخوانی تلاتة مغتربين بتعبوا جنس تعب لما اتصلوا عليها ، قدر ما شلنا معاها وختينا عشان تغتنی موبايل رفضت .. اها لما حكيت ليها قصة هيام وسحر قالت : والله ده كلام انا من بكرة تجيبوا لي موبايل طوالی الرجال والنسوان ديل وحات الله ما ليهم أمان .. أمانة أبوك ده ما تعب معاي .. هسی بتونس مع منو عليمو الله . يا بت هووووی انا من بكرة بدخل فيس وواتساب البقی علی أبو صاحبتك ما يبقی علينا .. الله يكفينا محن الزمن وخطافات الرجال … شفتی من الليلة أبوك ده اوعك تشكريهو لی مره … بری ، بری منهن . انا من بكره اون لاين دوت كوم .
بقلم
أحمد بطران