قبل عصر الأقمار الصناعية، كانت تحذيرات صاعقة البرق تشمل تجنب المناطق المفتوحة والأشياء الطويلة، ولكن تم إضافة مزيد من الاحتياطات على القائمة مؤخراً، كما يقول الخبراء، فإذا كنت ترغب في مزيد من الأمان، فعليك البقاء بعيداً عن وسط بحيرة “ماراكايبو” في فنزويلا.
فقد ذكر موقع “ساينس” أن بيانات الأقمار الصناعية تشير إلى أن أكثر من 200 صاعقة برق سنوياً تستهدف كيلومتراً مربعاً بعينه على الطرف الشمالي من أميركا الجنوبية”.
وبحيرة “ماراكايبو” هي واحدة من أكبر نقاط استقطاب صواعق البرق على سطح الكرة الأرضية، كما يقول روبرت هولزورث، وهو فيزيائي متخصص بالغلاف الجوي بجامعة واشنطن في سياتل.
وتم التوصل لهذا الاكتشاف بواسطة الأدوات الخاصة بالقمر الصناعي المعروف باسم “بعثة قياس سقوط الأمطار الاستوائية”، والذي تم تشغيله من عام 1997 وحتى 2015.
وأثناء دوران القمر الصناعي حول الأرض في مسار، غطى كل بقعة بين 38 درجة شمالاً (حوالي خط عرض أثينا) و38 درجة جنوباً (إلى الجنوب مباشرة من ملبورن – أستراليا)، كما أمكنه رصد حوالي 600 كيلومتر مربع في نفس الوقت، كما تقول راشيل ألبرشت، عالمة الأرصاد الجوية في جامعة ساو باولو في البرازيل.
وأوضحت أن مسار القمر الصناعي اشتمل على المرور بكل بقعة في تلك الشريحة الواسعة ما بين 3 إلى 6 مرات يومياً، وتستغرق مدة رصد كل بقعة مدة 90 ثانية في كل مرة.
حصر لكل ومضات البرق
قامت ألبرشت وزملاؤها بعمل حصر لكل ومضات البرق، التي تم رصدها في الفترة ما بين يناير 1998 وديسمبر 2013 إلى مناطق تقترب مساحتها من 10 كيلومترات أو أقل. ثم قام بعمل إحصاء لـ500 من النقاط الأكثر تعرضاً لصواعق البرق على كوكب الأرض، استناداً إلى ومضات تم تسجيل حدوثها في كل 1 كيلومتر مربع سنوياً.
ويقول الباحثون إن البيانات المؤكدة، التي تشمل أرقاما ورسوما بيانية تم جمعها خلال هذا المسح الفضائي، أثبتت صحة العديد من الاتجاهات العامة التي سبق ان رصدها علماء الأرصاد الجوية منذ فترة طويلة.
وقد لوحظ بشكل عام، أن البرق يحدث أكثر، في معظم الأحيان، على الأرض عن فوق المحيطات، وفي الصيف أكثر منه بالشتاء، وغالباً ما بين الظهر والساعة 18:00 بالتوقيت المحلي لكل منطقة. فكل هذه العوامل، تشهد زيادة الفرق في درجة الحرارة بين الهواء عند مستوى سطح الأرض والطبقات الجوية في ارتفاعات أعلى، وهذا بدوره يزيد من كمية الهواء الرطب وبالتالي تزداد فرص حدوث عواصف رعدية.
استثناءات للقواعد العامة
بيد أنه هناك بعض الاستثناءات لهذه القواعد العامة، فقد أفاد الباحثون في دورية جمعية الأرصاد الجوية الأميركية، أن بحيرة “ماراكايبو”، أكثر بقعة ساخنة، هي الأكثر كسراً لتلك القواعد في الاتجاهات الثلاث: أولاً، معظم البرق يحدث على البحيرة، ثانيا يحدث ما بين منتصف الليل والساعة الخامسة فجراً، وأخيراً، يكون في أواخر الربيع والخريف.
وكل هذه البيانات رصدها القمر الصناعي الذي سجل 233 صاعقة برق لكل كيلومتر مربع سنوياً.
وترتبط العديد من النقاط الأكثر تعرضاً للبرق في العالم مع التضاريس شديدة الانحدار، مما يساعد على إعداد اشتباك بين الكتل الهوائية الدافئة والباردة التي يمكن أن تدفع نحو تهيئة ظروف مواتية لحدوث عواصف رعدية، كما تقول ألبرشت.
الصواعق تكثر قرب الجبال الشاهقة
وقد لاحظ الباحثون أيضاً أن البقع الأكثر تعرضاً لصواعق البرق في كل قارة، مع استثناء واحد، تتواجد قرب الجبال الشاهقة. وهذا بالتأكيد ينطبق على بحيرة “ماراكايبو”، التي تحيط بها قمم شامخة، لذلك فإن الصدام بين الرياح الباردة المتدفقة من تلك الجبال ليلا والمياه الدافئة الاستوائية بالبحيرة يتسبب في حدوث عواصف رعدية على البحيرة طوال نحو 297 ليلة سنوياً.
ولاحظ الباحثون أن البرق على البحيرة يستمر ليلاً بشكل دائم لدرجة أن المستكشفين الأوائل أثناء إبحارهم في منطقة البحر الكاريبي كانوا يعتمدونه كأحد العلامات الملاحية الثابتة.
يذكر أن ما لا يقل عن 14 من البحيرات الكبيرة الأخرى في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك بحيرة فيكتوريا وتنغانيقا في إفريقيا، هي أيضاً بقع أكثر تعرضاً لضربات صواعق البرق.
وعلى الرغم من أن بحيرة “ماراكايبو” تحتل المركز الأول بلا منازع، فإن منطقة وسط إفريقيا لا تزال صاحبة لقب “المنطقة الأكثر اتساعاً” التي تعاني من صواعق البرق، مع نصيبها البالغ 283 من بين المواقع الــ500 الأكثر تضرراً حول العالم.
العربية