المغترب السوداني وحلم العودة

لعلني لن أضف جديدا إذا ما قلت أن المغترب السوداني من أتعس المغتربين في العالم وأسوأهم حظا علي الإطلاق ، ذلك أن ما يقع علي عاتقه وما عليه من حمل ثقيل ينوء حمله علي أولي العصبة ومع ذلك يريدونه دائما بقرة حلوب ، يتدلي ضرعها وتدر لبنها دون أن ترعي وتعلف .

وفي تقديري قد آن الأوان لينصف هذا الإنسان حقه وأن يعامل معاملة كريمة تليق به كمواطن في المقام الأول لم يهاجر ولم يترك بلده اعتباطا ، إنما بعده عن أهله وأسرته ورحيله عن وطنه ، كان كالقابض علي الجمرة ، فإن تركها أحرقت كل شيئ وإن قبض عليها أحرقت يده ، فأصبح يحتسي المر ولم يجبره علي ذلك إلا الأمر منه ، والهجرة أتت كما تعلمون نتاجا طبيعيا لظروف اجتماعية واقتصادية وسياسية قاسية ومعقدة لم يكن له فيها يد ، وهو ليس من يتحمل الوزر أو المسئول عنها حتي يعاقب عليها ذلك أن السلطات التشريعية في البلد هي التي منحته هذا الحق وفتحت له أبواب المطارات والموانئ والخروج للمغادرة ،
ومن ثم وبعد أن قضي ريعان شبابه وزهرة عمره بين وهج الغربة وهجيرها وشمسها الحارقة ، أليس من حقه أن يعود لوطنه وقومه وأهله وعشيرته ليستريح ويضع عصا الترحال وينعم بنسمة من نسمات وطن الأجداد ، وليس من حقه أن يجد له خمسمائة متر ليسكن فيها من وطن واسع وفسيح ، وليس من حقة أن يحصل علي حصة التعليم والصحة لأسرته ، وليس من حقه أن يحصل علي اعفاءات جمركية في حالة العودة النهائية ..

أنا أرفع هذا المقال لكل مسئول يهمه أمر هذا البلد ، نحن هنا لا نطالب بتعويضات مالية ولا بمقاعد دستورية بقدر ما نطالب بحقوقنا وقد أدينا ما علينا من واجبات ، اجبارية وطوعية .

نحن نحلم وفي كل يوم وصباح جديد بالعودة والإستقرار والمشاركة في مسيرة البناء والنماء والتعمير في بلادنا ، وقبل ذلك نجلم بمن يقف معنا بضميره وتدبيره ، مع هذه الشريحة المشردة من أبناء هذا الوطن ، هذه الكوادر المشتتة بين مدن العالم والتي لو هيأت لها الظروف للعودة وفتحت لها أبواب الرزق ومنحت الإمتيازات والتشجيع ، لساهمت مساهمة فاعلة في نهضة ونمو ورفعة هذا البلد وشالت وحملت الكثير من أعباءه .

وأخيرا : الكوادر والخبرات والمهارات جلها موجود بالخارج ، وتيرليونات الدولارات حائرة بين البنوك الأجنبية بالخارج تنتظر فقط من يعرف كيف يستقطبها ويوظفها ، وختاما أقول نحن جزء من تراب هذا البلد ولا بد لنا من العودة إليه في يوم من الأيام فهلا فتحتم لنا أبواب الإستقبال ؟

بقلم
أحمد بطران

Exit mobile version