في الأول من مارس 1973، كانت السفارة السعودية في الخرطوم تنظم حفل استقبال رسمي، وكان ضيف الشرف في ذلك الحفل هو القائم بالأعمال في السفارة الأميركية بالخرطوم، جورج كورتيس مور، حيث كان من المقرر أن يتم نقله إلى منصب آخر. وخلال الحفل اقتحم ثمانية مسلحين فلسطينيين السفارة، وأطلقوا طلقات في الهواء، واقتادوا 10 أشخاص رهينة، من بينهم مور، وأحد مواطنيه، وهو كليو ألين نويل، إضافة الى القائم بالأعمال البلجيكي، غاي أيد، واثنين آخرين.
وفي صباح اليوم التالي طالب المسلحون بإطلاق سراح العديد من الفلسطينيين المحتجزين في السجون الإسرائيلية، وكذلك الإفراج عن أعضاء مجموعة بادر ماينهوف، وإطلاق سراح الفلسطيني المتهم بقتل السيناتور روبرت كيندي، سرحان سرحان. إلا أن المختطفين عدّلوا مطالبهم ليصروا على إطلاق الأردن 90 من المسلحين العرب المحتجزين لدى الحكومة الأردنية خلال 24 ساعة، أو سيتعرض جميع الرهائن للقتل.
وفي مؤتمر صحافي يوم 2 مارس، أعلن الرئيس الأميركي، ريتشارد نيكسون، أن الولايات المتحدة «لن تقع ضحية للابتزاز». وارتبك المفاوضون الأميركيون بشأن كيفية الاستجابة المثلى لمطالب محتجزي الرهائن، ويبدو أن نيكسون كان يعتقد أن المسلحين سيتخلون عن الرهائن مقابل توفير ممر آمن لهم، كما فعل آخرون عندما اقتحموا السفارة الإسرائيلية في بانكوك العام السابق.
بعد 12 ساعة، أكد المسلحون أنهم قتلوا نويل ومور وأيد. وطالبوا بطائرة لنقلهم ورهائنهم إلى الولايات المتحدة، وهو ما رفضته كل من الحكومتين السودانية والأميركية.
وواصلت الحكومة السودانية التفاوض مع المسلحين، وبعد ثلاثة أيام أفرج المسلحون عن بقية الرهائن، واستسلموا للسلطات السودانية، وفي أعقاب الحادث ظهر أن الدبلوماسيين المتوفين الثلاثة نقلوا إلى الطابق السفلي وقتلوا هناك.
في أكتوبر 1973، تم إسقاط جميع التهم ضد اثنين من المسلحين لعدم كفاية الأدلة. وفي يونيو 1974 تم تشكيل محكمة لمحاكمة الستة الباقين، حيث حكمت المحكمة على الستة بالسجن المؤبد، لكنها خفضت الحكم إلى سبع سنوات. وضغطت الحكومة الأميركية، دون جدوى، على الحكومة السودانية لإعدام الخاطفين.
وكان الرئيس السوداني الراحل، جعفر نميري، في رحلة رسمية خارج البلاد خلال الحادث، والذي أدانه بأشد العبارات عند عودته، لكنه قرر أن يسلم الجناة إلى منظمة التحرير الفلسطينية لمعاقبتهم. وفي اليوم التالي، أرسلت منظمة التحرير الفلسطينية الستة إلى مصر، لقضاء عقوبتهم. واحتجاجاً على تعامل السودان مع هذا الوضع، سحبت الولايات المتحدة سفيرها من السودان، وجمّدت مساعداته الاقتصادية في يونيو من ذلك العام، إلا أن سفيراً أميركياً جديداً عاد للسودان في نوفمبر من ذلك العام، واستأنفت أميركا مساعداتها للسودان في عام 1976.
ترجمة: عوض خيري عن «النيويورك تايمز» «الإندبندنت» «الديلي ميل»
موقع الامارات اليوم