الفريضة الغائبة عن سلوكنا الحضاري

من أبسط قواعد اسلامنا الحنيف: تحابوا يحبكم الله، ولكن هل مارسنا هذه الفضيلة الموجبة؟
إنها لفريضة، لو وقرت في القلب وصدقها العمل، لبنينا بها حضارات وحضارات سامقة، إنها لعمرك عاطفة الحب تجاه نفسك ومن ثم تجاه الآخ..عكسها عاطفة الكره تجاه نفسك والآخرين، ومن ثم اسقاطه ذلك الكُره على الآخرين، ليولد التشاحن والتباغض، والذي يكون مقبرة لكل ايجابياتنا التي فطرنا عليها. الدين : تعاونوا على البر والتقوى!،لأن الأثم والعدوان من فجور النفس لا تقواها.
ما نشدت خدمة عامة في دول الغرب الحضارية، إلا ويلاقيني مسؤول تلك الخدمة بوجه صبوح يرد الروح، قائلاً: هل من خدمة استطيع أن أقدمها لك؟ ذلك لأنه نشأ منذ الصغر على حب نفسه وحب الآخرين، بكس التنشئة التي شكلت المسؤول لدينا، والذي غالباً ما يرد عليك قبل أن تكمل سؤالك له قائ:أصلو ما ممكن أبداً ذلك أن المسئول عندنا نشأ على مفاهيم رجولة أو فحولة كاذبة بل زائفة.. ومنذ المراهقة تجده يخاطب الآخر بـ : «إن كنتم أرجل مني طالعوني بره»..! ليتبع ذلك التحدي بالمحاربة والبُطان لإظهار رجولة الشجعان الزائِفة!

حتى من يعرض داخل الشبكة العنكوتية عندنا ، لا يسلم من ذلك التمشدق.. حين قال البعض لأولئك الشباب: «إن كنتم رجال اطعلوا لينا بره»! كان لسان حال أولئك يرد عليهم: « إن كنتم انتم رجال ادخلوا لنا جوه»!
إن كانت تلك هي الرجال، فالرجالة تطير، تطير تقع في البير!
أن إكبر عيوبنا هو التمركز حول الذات، لا حول الآخر و لا الوطن. ولعمري ذلك سلوك مكتسب منذ التنشئة الاجتماعية والسياسية الأولى مع الاستقلال بما يسمى بلقاء ،السيدين، إذ لو تلاقيا بحب وعلى حب وتعاونا مع السيد اسماعيل الأزهري، ولم يتصارعا معه ، لكان في ذلك الخير الكثير لهما وللأزهري وللوطن الحبيب.

مما يؤسف له، أن يظل هذا الصراع مستمراً بالإكتساب حتى اليوم، بعيداً عن التعاون والتقوى والعلم. و هناك مثل يقول، أن الجاهل عدو نفسه، إذ يظل الجاهل متحكراً بالقو، ليرينا ما يراه هو، غير منصاع لمن يفكر بعقله وبعلمه..
ما أصدق المثل السوري: «فخار عمرك يكسر بعضه بعض».. إن الشعوب هي الوارث الوحيد لجهل حكامها، وما جناه عليها الربيع العربي إلا غرس بذور حكامها المتسلطين كالقذافي والأسد ، وصدام العراق وعسكري اليمن وغيرهم..
كنت أحسب نفسي بأنني المهمش عن أي خدمة عامة اطلبها، بحكم انني معارض للنظام ، ولدهشتي ان أجد أكثر المتحمسين يعاني أكثر من معاناتي ، وهم لا يدرون بفقد الحب قد خسروا الدنيا والآخرة.. بربكم دام فضلكم ألا نخجل من رئيس وزراء ايطاليا حين طالب الشعب بمطالب اصلاحية ورفض له الشعب ذلك، وكان من حقه القانوني ان يستمر في الحكم لنهاية الدورة الانتخابية، إلا أنه بالحب لنفسه وبالحب لشعبه، احترم إرادة الشعب وقدم استقالته، ليذهب الى أهله مسروراً .

في مبنى محكمة بحري الضخم ممر جانبي ضيق وكأنه جدول ماء، رأيت امرأة مقبلة ببدانة، فتريثت حتى تمر، تم مررت، وإا بالذي خلفي يعترض محتجاً: « كيف لي أن تقف لإمرأة؟
ألا يدل ذلك عن فراغ فؤاده من حب نفسه ،ومن حب الآخر ولو كانت إمرأة؟
يا عالم متى نرجع مادة التربية الوطنية، وبقية الأنشطة التربوية؟
متى ينطلق التعاون بالحب بيننا بعيداً عن فجور النفس، متى نتعرف على نفوسنا، ونزكيها بتقواها؟

راي:عبد الله كرم الله
صحيفة آخر لحظة

Exit mobile version