الخرطوم وجوبا.. أول الحرب اتهام

يرى محللون أن المتمردين السودانيين بفصائلهم المختلفة والمتمردين الجنوبيين يمثلون العقبة الكبرى في طريق التوافق بين الخرطوم وجوبا، في حين يرى آخرون أن ثمة شيئا خفيّا يحرك العلاقة بين الجارتين نحو الأسوأ كلما تقدمت إحداهما نحو الأخرى.

أطلت لغة الوعيد وتبادل الاتهامات بين الخرطوم وجوبا برأسها من جديد فاتحة الباب لتكهنات وتساؤلات عن مدى نجاعة اللقاءات التي تمت وتتم بين الطرفين في المرحلة الحالية.

ورغم توفر كثير من الفرص للدولتين باتجاه تسوية خلافاتهما المتواصلة، فإن مسببات تبدو غير منظورة ظلت تفرض واقعا هو الأكثر سخونة بين دولتين كانتا كيانا واحدا.

ووفق متابعين، يمثل المتمردون السودانيون بفصائلهم المختلفة والمتمردون الجنوبيون العقبة الكبرى في طريق التوافق بين الخرطوم وجوبا، في وقت يرى آخرون أن ثمة شيئا خفيا يحرك العلاقة بين الجارتين نحو الأسوأ كلما تقدمت إحداهما نحو الأخرى.

وكان الرئيس السوداني عمر حسن البشير أكد أمام القمة الاستثنائية لدول الهيئة الحكومية للتنمية في شرق أفريقيا (إيغاد) بداية الشهر الحالي مسؤولية بلاده تجاه “من كانوا جزءا منها”، مناديا بضرورة التوافق داخل جنوب السودان.

وعلى عكس ما يصرح به المسؤولون في الخرطوم وجوبا من حين لآخر بأنهما قد وضعوا حدا للمناوشات والاتهامات المتبادلة، تأتي تصريحات من مسؤولين آخرين في الدولتين منافية لذلك الاتجاه.

كما أن الدولتين أعلنتا الثلاثاء الماضي عن اتفاقهما على تمديد العمل باتفاقية الترتيبات المالية الانتقالية لمدة ثلاث سنوات قادمة، ومراجعة بعض البنود لتمكين دولة الجنوب من سداد ما عليها من التزامات مالية، على خلفية نقل بترولها عبر خطوط أنابيب السودان.

تتعامل بالصبر
وفي السياق، أعادت تصريحات وزير الخارجية السوداني إبراهيم غندور التساؤلات المتكررة عن إمكانية التحسن الكامل لعلاقة البلدين، حيث قال إن الخرطوم “تتعامل بالصبر الشديد رغم حجم الخروقات التي تتم من طرف جوبا تجاهها”.

واعتبر خلال حديثه الأحد الماضي في مؤتمر حول الأجندة الأفريقية في قضايا التنمية ما بعد النزاعات، أن الصبر على تلك الخروقات ينبع من حجم التأثير السالب الذي يمكن أن يقع على السودان داخليا وخارجيا حال التعامل بردود الأفعال.

وفي هذا الخصوص، يؤكد المحلل السياسي في جوبا مواي كوال رغبة جوبا في إصلاح علاقاتها وتمتينها مع الخرطوم، معتبرا أن هناك التزاما “جنوبيا بأن تكون العلاقة في أحسن حالاتها”.

وفي حديثه للجزيرة نت، قال كوال إن أوامر رئاسية كانت قد صدرت بطرد المتمردين السودانيين من أراضي دولة جنوب السودان دون إبطاء، مشيرا إلى أن ذلك “هو الموقف الحقيقي لجوبا”.

وأوضح أنه كلما حدث ضغط على الحكومة السودانية، ذهبت إلى اتهام جوبا لتخفيف ذلك الضغط “رغم أن الأخيرة أكثر استعدادا من أي وقت مضى للتعاون مع السودان”.

أزمة قديمة
من جهته يرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة أم درمان الإسلامية أسامة بابكر أن الأزمة السودانية الجنوب سودانية قديمة متكررة، مؤكدا أن جوبا لن تتخلى عن حلفائها من المتمردين السودانيين.

ويقول بابكر للجزيرة نت إن من جاء بالحركة الشعبية لتحرير السودان ومكّنها من حكم جنوب السودان “لا يريدون استقرارا للسودان الشمالي، لأنه برأيهم مثل شمال العراق أو حلب السورية”.

ويرى بابكر أن “الأجندة الدولية لن تسمح بأي ألفة بين الخرطوم وجوبا طالما ظلت الحركة الشعبية لابسة ثوبها الذي وصلت به إلى فصل وحكم الجنوب”، معتبرا أن المتمردين السودانيين ومن يحكمون في جوبا يلتقون في نفس الأفكار والتمويل.

عماد عبد الهادي-الخرطوم
موقع الجزيرة

Exit mobile version