جاري (السمؤال) شاب في مطلع أفق الحياة الجديدة رزق طفلة تمضي الان لترسم الشهر الثاني من عمرها ، نحر لها الخراف بين يدي مأدبة أقام سرادقها وشدها علي إيقاع رزيم دف المديح وجلالات المنشدين ورقيق أدعية الرواة ، بعد إنصراف الناس وانفضاض سامر المدعوين كنت قد عدت مثل طوارق الليل أتسلل والليل يمضي يسلم سلطة الكري لليقظة عند الفجر حينما ارشدني الضوء الممتد في فناء منزله وبعض الجلبة وصراخ حاد من الصغيرة يهدي السائرين ارشدني لممارسة فضول المرؤءة ، لم اتردد في طرق بابه وتزامن انتباهي والجد والجدة يخرجان من جدار السكن والجوار يشاركاني قلق الاستفسار ، وللشتاء صمت ناعم تسري عليه لافتات الذيوع ، صوتا وحركا ، القيا التحية بقلق قلص حتي بند المصافحة ، منهما الي او مني اليهما ، فتح (السمؤال) الباب وهو يشد منافذ (فردة) يصد بها تسلل الهواء البارد عن وجهه ، قال ان الصغيرة تصرخ دونما سبب ، شدنا الي الداخل وانا (أحرن) و(الجدة) تندفع الي لب الغرف فيما وقفت والجد وهو في (الصالون) تضربنا حيرة مقلقة ، اتت الجدة بالصغيرة ، خلفها الام توشي وجهها بحيرة لم تنسيها ان تسقط تحية واجفة علي حماها وعلي دون ان تنظر الينا ، صرفت الجدة بعض إستفهامات وموجهات تعلق اغلبها بغلي بعض اعشاب وترسيخ متاحات الدفء ، الحركة وثرثرة الحاضرين وانفاسهم وصدياصواتهم حملا الصغيرة علي سكوت مدهش ، اطلت قدمها الصغيرة من تحت الغطاء الابيض فسارع الاب والجد لمد صوفه علي القدم ، حمل السمؤال الطفلة فيما قصدت السيدتان المطبخ ، قلت له هاتها ، قوست زراعي الايمن حتي صار مثل مهد رزين المتكأ ، طالعت وجها ملائكيا ، صاف الملامح املس التقاطيع ، خصل ناعمة انسبلت فوق جبين هو الذي يسميه الشعراء (الضواي) وجدت نفسي(ابسمل) والجسد الصغير ينزلق نحوي بين الاغطية ، تخيرت كرسي وجلست بحملي برفق من يحمل حملا ثمينا ، تفرست وجه الصغيرة ، التي دست يدها الضئيلة في فمها ثم مست بعض وجهي ، كنت انظر لعينيين سوداويين تتفرسان وجهي بحيرة او هكذا خيل لي ، جعلت من يدي ارجوحة ، يمنة ويسرا تمضي ، صعودا وهبوطا برفق ودود الاهتزاز ، ران صمت ، السمؤال ينظر نحوي أحسست به يحسد ما افعل ، شبح ابتسامة يعلو وجه الجد ، أعجبني الموقف اندفعت في فعل اخراج لساني واصدار حديث مثل همهمات الشفرة المرسلة عبر اثير ، شعرت برغبة في الضحك كنت افعل سلوكا بدأ لي طريفا ، الصغيرة استقرت للعجب ، حينما حضرت الوالدة والجدة وقفا بعيدا كانهما يخشيا قطع سكون نائم ،أحستت بالصغيرة تشرع في النوم ، مددتها للجدة فجفلت صارخة ! ضج المكان برنين الاصطراخ ! منها حولها ، اعدتها لمستقرها عندي سكنت ، قلت للجد والجدة والوالدة انصرفا ، جلست والسمؤال ، في وسط الصالون ، أهدهد ساعة ويههد هو ساعة ، تحول مجلسنا لانس وثرثرة ساعات الفجر ، ان حملنا الصغيرة سكتت وان تركناها اقامت في المكان شقوة الصياح ! لم تسلم عينيها للنوم حتي شاع في الطريق وقع الاقدام وضجيج المشاة ، وجدت نفسي والسمؤال حينذاك نرغب في الصراخ والهدهدة نحن الكبار ، اشرقت الشمس فنامت (تيسير) وخرجت و(اباها) نستودع رهقنا بدايات يوم جديد بدأ لي وله بصحبة البراءة النقية .. ان كانت هذه ذائقة احساس الجوار فما بال أحساس الام والاب وملائكة البراءة الحارسة ، ما أجمل الانسان.
محمد حامد جمعة