“توحش البلدان” مات إسحق.. لكن العشرات من السودانيين يقبعون الآن في محتجزهم وسط البحر.. ولا سبيل إلى أستراليا

في جزيرة وسط البحر، لفظ اللاجئ السوداني المحتجز، فيصل إسحق أحمد (27 عاماً)، أنفاسه الأخيرة وهو في طريقه إلى أستراليا.. أحمد ضمن الآلاف ممن ضربوا آمال عبور الشواطئ، ويتحتم عليهم أن يكونوا حذرين قبل التفكير في مغادرة بلدانهم؛ لأن الحكومة الأسترالية ليس لديها ما يشجع على استقبال لاجئين جدد، رغم أنها البلاد التي تستقبل الهجرة المنظمة وأبوابها ظلت لسنوات مفتوحة لذلك، فيما راج في التسعينيات وبداية الألفينات بحلم “الريسبونسبر”.
(1)
حادثة إسحق أعادت إلى الأذهان توحش البلدان الأوروبية أمام موجات اللجوء، كما فعلت الكثير من البلدان، فأحمد، والمئات ممن ينتظرون ذات المصير، عليهم الإقامة في جزيرة وسط البحر، حيث ترسل السلطات في العاصمة الأسترالية، كانبييرا، طالبي اللجوء الذين يحاولون الوصول إلى أستراليا بالقوارب إلى مخيمات نائية في (بابوا نيو غينيا وناورو)، ويحظر عليهم الإقامة في أستراليا حتى لو تأكد أنهم لاجئون.
(2)
وإسحق، بحسب ما نلقته “سكاي نيوز”، تُوفي في مركز أسترالي للمهاجرين في جزيرة وسط البحر، بعد سقوطه وإصابته بنوبة، والمحتجزون في مثل وضعه، لا تتعامل معهم الحكومة الأسترالية إطلاقاً، بحسب ما تقول لاجئة تحدثت لـ(اليوم التالي)، حيث تقوم بالعناية نيابة عنها منظمة (الهلال الأحمر)، خاصة للاجئين الذين يحاولون الوصول عن طريق البحر، وتقدم المنظمة كرت علاج ومرتباً وكرتاً للتخفيض، لعدم السماح لهم بالعمل وفقًا للقانون الأسترالي.
(3)
وأثارت الحادثة المأساوية لرحيل إسحق احتجاجاً في المركز الذي وصفته “سكاي نيوز”، بأنه مثير للجدل، بحسب مسؤولين، وتقول دائرة الهجرة الأسترالية في بيان: “إن لاجئا سودانيا عمره 27 عاماً توفي اليوم السبت متأثرًا بجروح أُصيب بها بعد سقوطه وإصابته بنوبة في مركز مانوس للاجئين”، وأضاف البيان أن “الجهاز ليس على علم بملابسات مثيرة للشبهة تحيط بمقتله”. وصرحت متحدثة باسم دائرة الهجرة، في بيان أرسلته إلى وكالة فرانس برس، أمس (الأحد)، بأن “أعمال شغب شاركت فيها مجموعة من النزلاء نشبت في منطقة الطعام” في مركز الاحتجاز، عقب وفاة إسحق. وقالت إن ذلك أسفر عن ضرر مادي طفيف، ولكن دون إصابات بين النزلاء، مؤكدة انتهاء أعمال الشغب.
(4)
وفي السنوات الأخيرة، درج المواطنون السودانيون على المغادرة إلى أستراليا عبر حدودها للدخول بطرق غير شرعية بغية العمل هناك، وتقول لاجئة سودانية “إن السودانيين لم يدخلوا كثيراً عن طريق البحر، بل كان طريقهم الوحيد عبر طلبات اللجوء من دولتي مصر ولبنان”، ويمنع القانون الأسترالي منح اللاجئين إقامة إلا في حالات استثنائية. لكن اللاجئة التي تحدثت للصحيفة تقول إن الرئيس الأسترالي الجديد وعد بإعادة النظر في طلبات اللجوء التي سبق وأن قدمت إلى الحكومة من أجل نيل الجواز الأسترالي.
(5)
وقبل حادثة إسحق، فإن السلطات الأسترالية تمنح طالبي اللجوء جواز السفر بعد عامين من دخولهم إلى البلاد عبر “فيزا” رسمية، ويبدأ اللاجئون التحضير منذ سنة وستة أشهر لحضور ما يسمى باحتفال تسليم الجوازات للاجئين، لكن في السنوات الأخيرة رفعت السلطات الأسترالية مدة منح الجواز إلى أربعة أعوام منذ دخول اللاجئ، والمؤسف أن العشرات من السودانيين يقبعون الآن في “محتجزهم” وسط البحر، تتفاوت مدة وصولهم إليها ما بين ثلاث سنوات إلى عشر سنوات، وما زالت الدولة القارة تمتنع عن منحهم حق الإقامة، الذي يضمن لهم عملا ثابتا وخدمات مواطنة مثل الصحة والتعليم.. ويقتاتون الآن على وظائف تسمى “الكاش هاند”، وهي مهن هامشية جدًا.

اليوم التالي

Exit mobile version