المسيحيون في الوطن الملازم

ظل بعض أصدقائي المسيحيين
في السودان يسألوني عن نظام الحكم بعد إنقلاب 30 يونيو 1989 ، لحسن الحظ أم لسوئه لا أدري كنت وقتها في السودان لتغطية الأحداث السياسية ، عدت للكويت لتنفجر هي الأخرى بالغزو العراقي 1990 ، قلت لأصدقائي في الكويت وخارجها يبدو أن وضعا بالغ التعقيد في إنتظاركم
بعد جولة مكوكية في الكثير من بلدان العالم ، إستقر بي المطاف في كندا وتعرفت في تورنتو على عدد من السودانيين المسيحيين ، وبالصدفة جميع الأماكن التي عملت فيها كانت على رأسها مسيحي !
كنا نلتقي كثيرا في مقهى تيم هورتون الشهير ، وكان هناك ثمة توافق في الرأي على أن “العيش في السودان لم يعد ممكناً”. فرغم زيارات بعضهم للوطن إلا أنهم سرعان ما يعودون لكندا ، بذلت عدة محاولات لإدماجهم في الجالية السودانية ، إلا أن الراحل المقيم كمال شيبون رئيس الجالية الأسبق قال لي هذا نوع من الحرث في البحر ، وكانت قاصمة الظهر عندما إستقال البرت ميلاد عبدالسيد وكنت قد رشحته نائبا للرئيس ،
وبعدها “إنقفل هذا الباب بالضبة
والمفتاح” ، خاصة بعد أن طالبهم أحد أعضاء الجالية بدفع الجزية !!! مشاكل الجالية السودانية راوحت مكانها ، وهم اليوم يتواصلون عبر هواتفهم الذكية مشاهدين فيها فيديوهات الدمار والفساد والعنف الذي لحق بالسودان ، قال لي أحدهم وهو مثلي من حي العمدة الحي العتيق بأم درمان : كان حي العمدة بمثابة كنز بالنسبة لي ففيه كل أهلي وأحبتي لكنني خسرته إلى الأبد”!!!!!
كان لي صديق اسمه منجاريوس من بورتسودان ، يوميا يذهب لقهوة ” وادي النيل ” وينسى تسديد ثمن فنجان القهوة فتراكم عليه مبلغ ” عشرة دولار” شتمه صاحب القهوة المسلم وشتم مريم العذراء وفشلت كل محاولاتي للصلح بينهما حتى فاجأنا برحيله المؤلم متأثرابالشتيمة !!
عندما رحل صديقنا كمال الزبير ود الشمالية وقفوا وقفة رجل
واحد ، ولكن زوجة المرحوم قالت لهم ” أنا السودان !”

وليم بهيج أقام حفل عرس لكريمته ” بالحنة والعديل والزين ” ، أكثر الناس إنبساطا كان المطرب الظريف شريف الفحيل ، لي صديق اسمه ابراهيم ولكنا نناديه ” بوش ” هو من دارفور ” نموذج للسوداني القح ” يكاد يقتلني عندما أقابله لأنه لا يتحدث إلا عن الحرب في كردفان والنيل الأزرق ودار فور ! لقد فقدت جميع أفراد أسرتي في حرب
عقيمة !!!!!
عندما تتم دعوتي للغذاء أو العشاء في دورهم أستمتع بالبامية والرجلة وملاح ” الشرموط ” اللذيذ !!!!!

بقلم : بدرالدين حسن علي

Exit mobile version