إشتكى مُعلم الحساب في المدرسة الإبتدائية للمُدير من مُشكلة تواجهه إجتهد كثيراً في حلها ولم يستطع إذ أنّ بعض طلبة الفصل الأول من الحلة المُجاورة يصعُب عليهم نُطق الرقم ثمانية ودائماً ما يُقدمون الياء على النون ويُنطقونها تماينة ولم تُفلِح كُل الوسائل معهم في أن ينطقونها صحيحة مع إصرارهم على سلامة نُطقهم لها ..
أرسل المُدير إلى شيخ الحلة ليُعينه على الحل ، جاء الشيخ إلى المدرسة على عجل وجلس في مكتب المُدير في إنتظار التلاميذ الصغار أصحاب المُشكلة ما إن دخلوا عليه حتى صاح فيهم يا أولاد إنتو (تماينة) الساهلة دي ما بتعرفوا تقولوها وهُنا أدرك مُدير المدرسة أُس المُشكلة..
ومن منّا لا يُدرِك أُس المُشكلة وأصل الحكاية..
لن نلُوم مُحمد حاتم في جديد مُفرداته التي لم يفتح الله عليه في أن يتفوه بغيرها وما الجديد حتى نلومه وقد إعتدنا على مثل هذه المُفردات بل أكثر منها من شيوخه الكبار وما لحس الكوع منكم ببعيد وهل نسينا من جاء يُحدثنا منهم عن ماضٍ ما كُنا نمتلك فيه سوى قميص واحد وصابونة واحدة كُنا نتقاسمها قبل أن ينعم علينا الله بهم ليُنقذونا من تلكُم الحالة المُتردية إلى دُنيا الرفاهية التي نحياها في يومنا هذا بفضلهم أو كما يظنون..
ما الجديد في خطاب مُحمد حاتم يا هؤلاء والعصِر البجيب الزيت ده كيفنو مُش ياهو الإتعودتوا عليهو ده ولا حاجة تانية ، حديث الرجُل لم يأت من فراغ العصِر يا جماعة حاصل والزيت الجبناهوا لم تُنتجه معاصرنا أيام الزمن السمح ، رُبما عصِر آخر بتقنية أخرى أكثر فاعلية يُهدد به الرجُل الخطيب المُفوه العُصاة الذين رُبما لم تُجدي معهم أدوات العصِر القديمة ولم يُعيدهم لحس الكوع إلى صوابهم ولم يُنسيهم الترف المتمثل في أكل البيرقر والهوت دوغ ونسيانهم لأكل الكسرة من أن يعصوا ولاة نعمتهم..
من أنتم..ستزحف عليكم الجيوش من كُل مكانٍ أيُها الجُرزان ..
خطاب من قائد وفّر لشعبه كُل مُتطلبات الحياة الرغدة من مأكلٍ ومشرب ومسكن وتعليم وصحة ومال ، لم تشفع له كُل هذه النعم وما فعله من أجلهم عندما اختلف خطابه وتغيرت مُفرداته وأراد أن يعصرهم كي يُجيبوا الزيت مثلما يُريد محمـد حاتم وكانت النتيجة أنّ الشعب هو من إمتلك بيده أداة العصِر وتم عصرِه والعالم حاضِر يشهد في زمانٍ لا شيء يُخفى فيه..
الصدفة فقط قادتني للإستماع لخطاب مـحمد حاتم وأنا أدير مؤشر الراديو ودفعني حديث الرجُل المُبتدئ الفطير لمُتابعة الخطاب حتى نهايته لمعرفة من المُتحدث الذي جاء يُهدد ويتوعد في العُصاة بالعصِر ولم أتفاجأ عندما ذكر المُذيع إسمه..
والله المُستعان..
زاهر بخيت الفكيز
بلا أقنعة..
صحيفة الجريدة..