الخرطوم بين (الكواري) و(مشيرة)

٭ في الأسبوع الماضي زارت الخرطوم – وفي هدوء تام – وزيرة الدولة للسكان الأسبق بمصر السفيرة مشيرة خطاب المرشحة لمنصب أمين عام اليونسكو، والتقت وزير الخارجية البروفيسور إبراهيم غندور، وسلمته رسالة من رئيس بلدها إلى المشير البشير.
٭ مشيرة هي مرشحة مصر لمنصب أمين عام اليونسكو، وبالتالي زيارة الدبلوماسية المخضرمة كانت بهدف كسب صوت السودان، وحلفائه كون الخرطوم لديها تحالفات بالمنطقة يمكن أن تعين مصر في ترشيحها.

٭ حتى هنا بالإمكان أن يمضي السودان في الخط المؤيد والمساند للشقيقة مصر، لكن الأمر له بعد آخر وذلك أن دولة قطر هي الاخرى دفعت بمرشح للمنصب من العيار الثقيل، وهو وزير الثقافة والفنون والتراث الدبلوماسي حمد الكواري.
٭ والرجل كان الممثل الدائم لبلاده في اليونسكو .. ولكن الذي أقف عنده في هذه الزاوية اليوم كيف ستتعامل الحكومة مع الطرفين، خاصة وأن إعلان قطر الدفع بالكواري كان في نهاية العام الماضي وخاطبت الخرطوم رسمياً بذلك.
٭ الأمر يتطلب من الحكومة التعامل بفقه المصالح لا العواطف، والتأني لا التعجل، والدراسة قبل (الإنبراشة)، فالمسألة تستدعي من الحكومة أن تقرأ الساحة جيداً قبل أن تعلن موقفها.

٭ ولمعلومية القاريء أن لبنان هي الأخرى سمت مرشحاً للمنصب، وإن كنت أجهل موقفها تجاه السودان، وقد حاولت الاتصال بالأخ غندور بغرض الاستيثاق وعلمت أنه غير موجود.
٭ لكن في تقديري الشخصي إن تعدد المرشحين العرب لمنصب دولي هذا يعني خسارتهم الثلاثة، وفق نظرية تشتت الأصوات، وذلك أن الترشح للمناصب الدولية يتطلب بناء تحالفات مناطقية وإقليمية بدءً قبل الإنطلاق للعالمية.
٭ رحلة البحث عن صوت والتي قادت مشيرة إلى السودان ، وجعلت قطر تخاطب السودان رسمياً تبدو في ظاهرها مسألة عادية، ولكنها حساسة ومهمة، وقد تحدد مسار مستقبل علاقة الخرطوم بالقاهرة من جهة والسودان وقطر من جانب آخر.

٭ وفيما يبدو فإن المعركة ستكون شرسة بين القاهرة والدوحة، خاصة في التغيير الذي طرأ في علاقات البلدين منذ سقوط نظام حسني مبارك وحتى قدوم المشير عبد الفتاح السيسي.
٭ أدار غندور بذكاء وحكمة ملف دعم ترشيح الأمين العام للجامعة العربية باقتدار، ونجحت الحكومة أن تضمن للبلاد منصب مساعد الأمين العام للجامعة الذي شغله دكتور كمال حسن على.
٭ وقد ناورت الحكومة بامتياز عند ترشيح مصر لأبي الغيط، وتحفظت على تسميته من جانب بلاده حتى أن الأمر حبس أنفاس القاهرة، وقد تطابق موقف السودان مع قطر التي اعترضت على ترشيحه.

٭ وقد أعجبت جداً بموقف الحكومة على التحفظ، وكان ذلك بمثابة رسالة قوية أن السودان لا (ينبرش) لمصر أو غيرها، وأدار الملف بعقل دبلوماسي كبير حفظ للسودان مكانته.
٭ بذات الرؤية والتعامل الهاديء نريد للحكومة أن تتعامل مع المرشحين لمنظمة اليونسكو خاصة وقد سبق أن دعمنا مرشح مصر في 2009 (فاروق حسني) وخسر أمام بلغارية.

إذا عرف السبب – اسامة عبد الماجد
صحيفة آخر لحظة

Exit mobile version