عمر الحاج موسى نصير المظاليم

٭ طلب مني عمر الحاج موسى (عليه الرحمة) أثناء رحلة إلى مدينة كسلا وكان أيامها مشرفاً سياسياً عليها ، طلب مني أن أجمعه بقمرين هما الشاعر محمد عثمان جرتلي والشاعر محمد عثمان كجراي وأذكر أني استأذنته أثناء جلوسه إليهما وأشجار البرتقال الكسلاوي ترمي بظلالها على المكان أن يسمح لي بساعة واحدة أقضيها مع أهلي في قرية الختمية ، فقال لي بل خذ شهراً كاملاً إذا رغبت ، وأضاف إنها هدية مني إليك وأنت تهديني جلسة بين قمرين فقلت له : لا تنسى أن هناك قمراً ثالثاً هو أنت يا نصير المظاليم.

٭ أثناء حوار أجريته مع الشاعر الكبير (معين بسيسو) وكنت أعمل حينها محرراً بجريدة الاتحاد الإماراتية قال لي إن كل القوانين العسكرية في العالم تتعامل مع الكر والفر أثناء الحروب باعتبار أنه فعل مباح لكل جندي محارب، وقال إن (المتنبئ) لو فكر قليلاً في الإستجارة ببعض القبائل المجاورة لما غرز (فاتك الأسدي) سيفاً في أحشائه.. ولكنه اختار هلاكه بيده في معركة يعلم تماماً أنها خاسرة حيث واجه فيها لوحده أكثر من ثلاثين من قاطعي الطريق.. يعود بي هذا المشهد إلى أسد الشمال المك نمر حين رأى أن جحافل الطغمة الفاسدة من الجيوش التركية قادمة نحوه اختار أن يتراجع ولم يكن تراجعه جبناً ولكنه كان يعلم جيداً أن الحرب في أصلها كر وفر.

٭ قال الأديب اللبنانى المعروف (جبران خليل جبران) إن أكثر ما يؤلمه أن يرى نمراً مخلوع الأسنان على سيرك متجول يتقافز على حلبة العرض هنا وهناك والأطفال من حوله يتضاحكون وقال إن قلبه يكاد أن يتمزق وهو يرى أصحاب البطولات في خانة المنكسرين, وأضاف لو أنهم دخلوا عليه في غابته يتبختر بين أشجارها لما استطاعوا أن ينظروا إليه ولو كان ذلك على بعد أميال منهم.
٭ شاعر (مرت الأيام) أول رئيس لاتحاد شعراء الأغنية السودانية الراحل مبارك المغربي، كان من الشعراء المميزين بابتسامة وسيمة لا تقبل المنافسة، في يوم أسود مات ابنه غرقاً في النيل فغابت ابتسامته الوضيئة, لم تعد موجودة بيننا بعد أن تعرضت إلى ضربة قاضية من أمواج نيل حمل أيامه إلى مطحنة من الأنين ، وأنا لم أزل حتى هذه اللحظة كلما استمتعت إلى أغنيته (مرت الأيام) أحسست أنه كان يودع بها ابنه الراحل.

٭ تقدم الشاعر الراحل أبو آمنة حامد باستقالته من صحيفة البيان الإماراتية ، وقال إن السبب في ذلك يعود إلى حنينه المستمر لمسقط رأسه في ولاية بورتسودان، وأشار إلى أنه دخل في معارك طويلة مع هذا الحنين عاد منهزماً وأضاف أن الأسماك في البرك الآسنة في شرق السودان تتراقص على المياه فرحاً إلا أنها تموت داخل أحواض من عطر البنفسج إذا أحست أنها في بلد غريب.
هدية البستان
أقطع علشانك ألف بحر لا بخشى رياح لا بخشى مطر
يا جيت بي ريدتك راجع أنا يا جات الريح شايلاني خبر

لو.أن – اسحاق الحلنقي
صحيفة آخر لحظة

Exit mobile version