صفر كبير!!

*أول صفر في حياتي كان أيام الدراسة..

*فقد فوجئت بأستاذ الفرنساوي الجديد يعطيني صفراً في مادته..

*علماً بأن الذي قبله كان يمنحني العلامة الكاملة إلا قليلا..

*وما ذاك إلا لأنه كان يكرهني لسبب لا أعلمه..

*أو ربما كان السبب نهجي النقدي (الصادم) كحالي إلى يومنا هذا..

*وما انتقدته فيه كان أسلوبه الممل في التدريس..

*وبعكسه تماماً كان الأول ظريفاً بشوشاً بسيطاً و(شاطراً)..

*ولما شكوته لهيئة التدريس سُقط في أيديهم لجهلهم باللغة الفرنسية..

*وكان عزاء المدير لي (المهم طلعت التاسع)..

*أما ثاني صفر- من قبل ذلك- فهو اجتماعي ولا صلة له بالدراسة..

*فقد كان لدى (عم فضل) ثلاثة دواوين في بيته..

*وليست دواوين شعر- بالطبع- وإنما التي يُطلق عليها الآن (صوالين)..

*وكان هذا خلافاً لما جرى عليه عرف الناس في البناء..

*وحين نسأله عن ذلك- ونحن صغار-يجيب بضحكة مجلجلة..

*الأول لكبار القوم، والثاني لأمثال (ناس كريف)..

*ثم يزداد الضحك صخباً وهو يقول (أما التالت ده فبتاع العرقي)..

*ولكن بعض مثقفي البلدة كانوا يطلقون عليه اسماً آخر..

*كانوا يقولون: الديوان (الصفري)، الديوان (واحد)، الديوان رقم (اثنين)..

*وهم يقصدون بذلك أن حالة الوعي فيه تكون (صفراً)..

*أو هكذا اجتهدنا من أجل أن نفهم بدافع من فضول الطفولة..

*ثم هنالك صفر ثالث- دواويني حكومي- اكتشفته بالصدفة قبل أيام..

*فلأول مرة أعرف أن عندنا ديواناً اسمه (ديوان العدالة)..

*ومن قبل كنت محتاراً إزاء ديوان المظالم مع وجود وزارة للعدل..

*طيب ماذا تفعل وزارة العدل المختصة بالعدالة والمظالم؟..

*فالعدل- بداهة – يعني درء الظلم وتحقيق العدالة..

*يعني المسألة (بايظة) كلها وليست فقط في كثرة الوزراء والوزارات..

*ويوم الأول من أمس ظهر صفر رابع في حياتي..

*وهو ذو طابع سياسي بحت- هذه المرة- بين يدي الدعوة للعصيان المدني..

*فقد جزمت الحكومة بأن العصيان سيكون (صفراً كبيراً)..

*ولكنه لم يكن كذلك أبداً من واقع مشاهدات يوم الأمس في عدة مدن..

*وهذا ما توقعناه خلافاً لتوقعاتنا في المرة الفائتة..

*قلنا إن عدم تجاوب الحكومة مع نبض الشعب سيعجل بوتيرة غضبه..

*وبدلاً من ذلك طفقت تهاجم الحزب الشيوعي..

*وكأنما الشعب (خلاص ما عنده أي مشكلة والمشكلة بس في الشيوعيين)..

*شيوعي (إيه) يا حكومة؟ الله يرحمه، ويرحم جميع أحزابنا..

*الذي بات (صفراً كبيراً) إنما هو حال الناس..

*وأنتِ تنظرين إليهم من (ديوان الإحساس الصفري) بهم..

*أين (ديوان العرقي) ؟!!!

صحيفة الصيحة

Exit mobile version