لو جَازَ إعلان (حالة الحداد السياسي) فهي (أجوز) ما يكون في حق حزب المؤتمر الشعبي.. الشيخ إبراهيم السنوسي الأمين العام (المُكلّف) بكى وأبكى معه الحضور في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر العام لولاية الخرطوم أمس الأول.. دموعه سالت حُزناً على فراق الدكتور حسن الترابي.. والأجدر أن تكون حزناً على الحال الذي وصل إليه الحزب الشعبي.
في الأخبار التي نشرتها الصحف عن جلسات المؤتمر العام؛ أنّ الحزب الشعبي (شَدّدَ على المُطالبة بتضمين الحُريات في التعديلات الدستورية)..!!
أي تعديلات يقصد الحزب؟ وقد مَضَى قطار التعديلات ويستشرف محطته الأخيرة قريباً.
ثم، ما هي التعديلات التي ينتظرها الشعبي لتحقق له مطلوبات (الحريات) التي يرجوها.. ففي دستور السودان الحالي من الحريات ما يكفي ويفيض، بل فيه أكثر مما في الدستور الأمريكي من حريات وحقوق أساسية.. فما هي (التعديلات) التي ينتظرها حزب المؤتمر الشعبي؟ فيرهن حياته ويوقف أنفاسه ترقباً لها؟..
في تقديري الحزب الشعبي الآن يُعاني حالة (يُتم) معقدة ومُركبة، فالترابي بقدراته الفكرية وشخصيته النافذة كان يملأ فراغ (الأجندة).. لكنه مضى إلى ربه تاركاً وراءه قيادة أقصى ما تفعله الآن مُمارسة انتظار (فضل الظهر).. أن يحمله حزب المؤتمر الوطني على ظهره إلى المحطة القادمة.. والذي يركب من باب (فضل ظهر) ليس مُخيراً في الوجهة ومسار الطريق..
أنصح الشعبي؛ من الحكمة أن (يأخذها من قصيرها) ويعلن الوحدة الاندماجية مع رصيفه المؤتمر الوطني – إن وافق الأخير – فيعود من حيث أتى.. ربما على الأقل ليُطالب بالحُريات من المنصة المُناسبة في المكان المُناسب.. ليس في ذلك عيبٌ فعلى أفضل تقدير يزيح هواجس (الثقة) المفقودة بين الطرفين.. فيوفران على الشعب السوداني أطناناً من التكتيك والتكتيك المضاد أضاعا بها دهراً من عُمر الشعب السوداني في صراعات بلغت حَدّ الفتنة الكبرى بلا طائل أو حتى مبرر.
المرحلة الحالية تجاوزت كثيراً كل الأُطر القديمة التقليدية التي كانت تُدير الشأن السياسي بروح الستينات وأريحية الانتظار الطويل في محطة (قنب).. لكن الوضع الذي بلغه السُّودان الآن لم يعد يسمح إلاّ بالرؤية الواضحة كالشمس.. والأجندة السافرة بلا تردد..
لا داعي لإضاعة الزمن.. أعلنوا اندماجكم.. ومن هُناك طَالبوا بالحُريات والتعديلات الدستورية.
صحيفة التيار