الولادات القيصرية..أطباء في قفص الاتهام

هنالك أرقام خيالية تتردد إلى مسامعنا عندما تذهب إلى بعض المستشفيات، خاصة قسم الولادات، أوعندما تذهب إلى مباركة مولود، فتجد من يقول: دفعت عشرة وآخر تسعة والبعض ثمانية ملايين، وهي أرقام متفاوتة ومن طبيب إلى آخر، ومن مستشفى إلى آخر، وما ندر تسمع ما بين أربعة إلى سبعة ملايين، فهذه المبالغ تدفع من أجل الولادات القيصرية التي يقوم بها الكثير من الأطباء لاستخراج الجنين من بطن أمه، فهذه الأرقام أصبحت إجبارية من بعض الأطباء، هذا ما ذُكر من بعض النساء اللاتي قلن إن الأطباء يصرون ويلحون على الولادة القيصرية بدلاً من الطبيعية من أجل هذه المبالغ، رغم أن البعض منهن يمكن لهن الولادة الطبيعية، وعندما تسأل المرأة لماذا الولادة القيصرية تصبح المبررات واهية وغير مقنعة، هنالك من يفتعل عامل السن سواءً كانت صغيرة أو كبيرة، والبعض يفتعل الولادات المتكررة ولو كانت أم لطفلين، وبعض الأطباء يقول: متخوف، ولكن من ماذا ؟علماً بأن كل الفحوصات جيدة والأم في حالة متابعة أول بأول، ولكن يظل بعض الأطباء يضعون المتاريس والعقبات أمام الأمهات، فهل أصبحت الولادات القيصرية باب رزق لبعض الأطباء يسترزقون منه، كما قالت بعض القابلات؟ وإذا كان لابد من الولادات القيصرية لماذا لا تصبح بأسعار مناسبة حتى يستطيع الفقير وغير المستطيع نيل حقه الطبيعي؟، إذاً أين دور وزارة الصحة ؟ أليس لديها علم بما يحدث؟، وإذا كانت على علم، لماذا لا تحدد سقف معين للولادات القيصرية، إذا كان لابد منها بدلاً من تركها مفتوحة ؟. حيث التقت صحيفة الـ (التيار) ببعض النسوة اللاتي اشتكين من الولادت القيصرية التي أجريت لهن ومن المفترض أن يضعن طبيعي والعكس.

حتى لحظة المخاض
حيث التقيت بأم محمد نصر، التي تجاوز عمرها الثلاثين عاماً، وأم لطفلين، وكانت متضجرة جداً أثناء ما سردت قصتها، قائلة: أنا واحدة من ضحايا العمليات القيصرية، عندما وضعت مولدي الأول محمد كنت مقتنعة جداً أنني سوف أضع بعملية، وأن ولادتي غير طبيعية، لأن وضع الجنين داخل الرحم غير طبيعي، أما في الولادة الثانية فمن المفترض أن أنجب طبيعي، وحتى إشارات الولادة الطبيعية المعروفة عند أي امرأة عندما تضع طبيعي كانت واضحة جداً، ولكن قال الطبيب: يجب أن تضعي بعملية، فسألته لماذا؟ لم يستطع الإجابة عندما قلت له: إن وضعي طبيعي منذ بداية الحمل وحتى لحظة المخاض، وذكرت له بأنني طويلة ولست قصيرة حتى احتاج لعملية، وكل إشارات الولادة الطبيعية ظاهرة، فسألته: هل وضع الطفل غير جيد ؟ رد نافياً، قالت: وكنت أسرد له هذه الأشياء وأنا أتألم جداً، فلم يجد مبرراً غير أن يقول: حتى لا تتألمي، وأنا أرى أن تخضعي لعملية، فسألته: هل عملية المرارة التي أجريتها قبل اليوم لها تأثير؟ رد نافياً، لا ولم يعطني رداً مقنعاً، ولكن دخلت العملية القيصرية وكانت رسومها تسعة ملايين، وبهذه الطريقة فقدت فرصتي في الولادة الطبيعية، لأن المرأة عندما تضع مرتين بعملية تفقد فرصتها فى الولادة الطبيعية القادمة.

كان متعجل جداً
وبالنسبة لأم وضاح ابتدرت حديثها بكل شفافية، قالت: من المتعارف عليه أن المرأة التي لم تختن تسهل عليها الولادة ولا تعاني عكس المختونة، فعندما حملت بابني وضاح كان عمري السادسة والعشرين عاماً، ومن المفترض أن أضع طبيعي جداً، وحتى إشارات الوضوع التي تسبق الولادة كانت حاضرة ولا توجد أدنى مشكلة تعوق ولادتي الطبيعية، ولكن كان للطبيب رأي آخر، لابد أن أضع بعملية، وكان متعجل جداً، فتدخلت جدتي قائلة: هذه (البت) لم تكن مختونة وعلامات الولادة ظاهرة، انتظر فهي شارفت على الولادة الطبيعية، رفض وقال: لابد من القيصرية، وبالفعل أسعفت بسرعة نحو غرفة العمليات، ووضعت.

ألم المخاض
وكان لأم شهد عثمان موقف آخر، قالت: منذ بداية الحمل (الوحم) يكون وضعي مختلف وحالتي يرثى لها، في البداية أصاب بفقدان الشهية، وتكون حالتي أقرب للشخص الصائم، وإذا تناولت شيئاً يكون الفول المدمس فقط، ويبدأ دمي في النقصان إلى أن تتطور حالتي، وينقل لي دم وأصاب بعدها بإرهاق وتعب ويكون بطريقة متواصلة، وكل هذه الأشياء يكون الطبيب الذي أتابع معه على علم بها وتحت إشرافه، وعندما جاءت لحظة المخاض أعطاني الطبيب الطلق الصناعي وهو على علم بحالتي هذه من أجل زيادة الألم والوجع، فأخذت برهة من الصمت ثم حركت رأسها ببط يمين ويسار كأن ذاك الموقف حدث الآن، ثم قالت: الحمدلله النسيان نعمة من رب العالمين، ثم واصلت حديثها قائلة: لقد تألمت بقدر ما أراده الله لي من ألم المخاض، ثم بدأت علامات الولادة تظهر، ولكن لم يخرج الجنين، فأضطر الطبيب إلى إجراء عملية قيصرية، وبعد الخروج من المستشفى الجرح التهب فرجعت مرة أخرى أقمت في المستشفى ثلاثة أيام، ولكن مازال الجرح ملتهب، فأضطررت إلى إدخال عملية مرة أخرى لخياطة الجرح من جديد.

أمسكت بقميص الطبيب
واتفقت معها والدة ياسين عبدالرحمن في هذا الرأي، وأول كلمة قالتها في حديثها لصحيفة (التيار): أجمل شيء في هذا الوجود الأمومة، ولكن الحالة التي مررت بها إن شاء الله ما تمر بيها أي أم، وقالت: هل تصدقي أنني أمسكت بقميص الطبيب من شدة الألم مترجية حتى يجري لي عملية قيصرية، لقد عانيت لمدة يومين وطيلة اليومين كنت آخذ درب للوجع الصناعي، ومن المفترض أن أضع بعملية قيصرية، ولكن الطبيب تعمد حتى تتطور حالتي، ودخلت في حالة إغماءة وأهلي فقدوا الأمل في حياتي، وعندما أفقت أمسكت بقميصه من أجل أن يجري لي العملية، ولكن رفض، وتركته حتى وضعت طبيعي، ولكن الطفل توفي نتيجة لالتهاب في الرأس بسبب الجرجير، وعند الحمل الثاني تابعت مع اختصاصي آخر قال من المفترض أن تضعي بعملية من الأول، لأن الرحم متضخم، والحمد الله ربنا رزقني بطفلين.

يفتعلون الولادة القيصرية
وقالت إحدى القابلات فضَّلت حجب اسمها تعمل في أحد المستشفيات: الحق يقال وهذا شيء ربنا بسألنا منه، ليس كل الأطباء، ولكن هنالك جزء من الأطباء يفتعلون الولادات القيصرية، وبالفعل من أجل المبلغ الذي يدفع في العملية القيصرية، لأنه مبلغ وقدره، فأصبحت مثل التجارة بالنسبة لهم، فتجد جزء من الأطباء لا يعطون آلام العلاج الكافي الذي يجعل الأم تتوجع وتوضع طبيعي حتى يقنعوا أهل المرأة أن من المستحيل لابنتهم الولادة الطبيعية، ونحن القابلات نكون على علم أن ولادتها طبيعي من خلال العلامات التي تظهر عليها، ولكن لا نستطيع أن نقول شيئاً. ثانياً هنالك بعض الأطباء يحددون نوع الولادة طبيعية أو قيصرية من الحالة المادية للمرأة، خاصة إذا كان وضعها المادي جيد، فمن الوهلة الأولى يقال لها أنت سوف تضعين بعملية، حتى وأن كانت ستضع طبيعي، لأن القيصري فيه مبالغ كبيرة أقل مبلغ سبعة ملايين، والطبيب مجرد ماوضعت الأم يستلم مبلغه، وفي بعض الأحيان (الحبوبات) يتلهفن لإجراء العملية مجرد ما ابنتها بدأت تتألم يطلبوا من الطبيب إدخالها عملية قيصرية.

هنالك أسباب كثيرة
وقالت إحدى السسترات س.م من المستحيلات أن يقيصر طبيب امرأة دون أسباب، فالولادة تتغيَّر من طفل إلى آخر، غير أن هنالك أسباب كثيرة جداً تدفع الطبيب لإجراء القيصرية، قد يكون نبض الجنين قلَّ أو بدأ يقل، أو موية الجنين بدأت تجف أو الأم عندها أمراض مزمنة قلب أو كلى، أو عندها مشكلة في ضيق الحوض، وهنالك نساء لا يستطعن حتى الدعم، فلذلك يلجأ الطبيب للولادة القيصرية، ولكن ليس من أجل المادة.

حديث غير صحيح
ثم حملت هذه الاتهامات وتوجهت نحو أحد نواب الاختصاصيين، الطبيبة عبير خالد أحمد، فوجهت لها سؤالاً مباشراً هل بالفعل أصبح الأطباء يميلون، بل ويفضلون العمليات القيصرية بدلاً من الطبيعية مقابل المبالغ التي تدفع في القيصرية ؟ قالت: هذا الحديث غير صحيح، عندما يلجأ الطبيب للعملية القيصرية تأكدي أن هنالك مشكلة كل الولادات ليست واحدة، كل طفل يأتي بحالة مختلفة عن أخاه، فهنالك بعض النسوة يضعن ثلاثة أطفال وتكون ولادتهن طبيعية، وعندما يأتي الرابع لابد أن تضع قيصري، فهنالك مشاكل كثيرة جداً تتعرض لها بعض الأمهات أثناء الولادة، فالطبيب يلجأ للولاد القيصرية في حالات وجود مشكلة للمرأة أو البكرية (الأول مرة تضع)، والبكرية لابد أن تضع قيصري، لأن هنالك مشكلة ضيق المخرج، وأيضاً النساء الصغيرات في السن نسبة لعدم اكتمال الحوض، لأن الحوض لديه شكل معين حتى يكتمل، فيضطر الطبيب لإجراء العملية القيصرية، حتى إذا وضعت طبيعي تكون هنالك إشكالية في الطفل، قاطعتها قائلة: من المفترض أن يكون الطبيب على علم إذا كانت ستضع طبيعي أم لا؟ قالت: المرأة أثناء الولادة أو شارفت على الولادة تتوقع منها أي شيء، ولكن الطبيب يعطيها الحق بأن تأخذ فرصتها الكافية في الولادة الطبيعية، وإذا تعسرت تجرى لها القيصرية، ففي الماضي كانت هنالك قياسات تعمل، وهي صورة أشعة بتحديدات معينة لمعرفة مقاسات الحوض من أجل معرفة هل للمرأة أن تضع طبيعي أم قيصري؟، ووضع الطفل هل طبيعي أم لا ؟ ولكن علمياً أثبتت الدراسات أن عملية مقاسات الحوض غير مؤثرة، ورغم ذلك هنالك اختصاصيون لهم خبرة طويلة في الطب وأساتذة مازالوا يتعاملون بهذه المقاسات، والبعض منهم يحددها مجرد ما يدخل يده داخل رحم الأم يعرف المقاس كم، هل المقاس كافٍ للولادة أم لا ؟ (بالخبرة الطويلة)، وأيضاً من ضمن المشاكل التي تقيصر فيها الأم أثناء ما يفتح الرحم ممكن المرأة ضغطها يرتفع، أو نبضات الجنين تتسارع أو مرات الحبل السري يلتف حول الجنين، وإذا كانت الأم تعرضت قبل اليوم لعملية قد تؤثر على ولادتها بطلب من الطبيب الذي أجرى لها العملية، أن يشرح لنا الحالة أكثر، وهل تحتاج إلى عملية قيصرية، ولَّا ممكن تقيصر، لذلك من المستحيل أن يقيصر طبيب امرأة دون أن تحتاج لهذه العملية القيصرية.

تحقيق: أسماء ميكائيل اسطنبول
صحيفة التيار

Exit mobile version