يا أخوتنا في المعارضة الكيبورد والواتساب لا يمكن أن يسقط حكومة.. حكومة بلغت من العمر ٢٧ ربيعاً بشحمها ولحمها وجذورها التي وصلت حتى مضارب الرحل في اقصاع السودان، يا جماعتنا في المعارضة زمان يوم كنا معكم في خندق واحد كانت تفاصيل الحكاية كما يلي:
أولاً : شاركتم الحركة الشعبية في التحالف الديمقراطي ويقوده الشيوعيون، وبحمد الله تراجعتم وأفلحتم في العودة (أعني السيدين) مشاركين في السلطة وقسمة الكعكة مع الانقلابيين كما نسميهم.
ثانياً: دعمتمونا معنوياً في الحركات المسلحة.
ثالثاً: شاركتم في تحركات اللوبيات في العالم في وقفاتهم لإسقاط النظام.
رابعاً: ضغطتم على الحكومات في أمريكا وأوروبا لإدانة الحكومة، واستصدار القرارات من مجلس الأمن لتجريم البلاد وشد أطرافها بالحرب التي يدعمونها بسخاء.
خامساً: ساهمتم في الضغط علي الكونغرس الأمريكي لمقاطعة السودان وحصاره اقتصادياً، رغم كل هذه التحركات وغيرها الكثير لم تتمكنوا من إسقاط النظام، وظل يتمدد على حساب قواعدكم القديمة زمن الولاء الطائفي الأعمى، وتشظت أحزابكم الى شظايا منهم من شارك في النظام، ومنهم من ظل في غيه القديم.. وحسب احتكاكنا بكم ومعرفتنا بما يدور في أروقة المعارضة ووصولها الى حقيقة أن هذا النظام ولد بأسنانه، وصار جزءاً من الشعب السوداني، وأصبح واقعاً لا يمكن تجاوزه بأي حال في السياسة في السودان لانتشاره الأفقي عدداً والرأسي فكراً وتنظيماً، بدليل أنه الحزب الوحيد الذي يعقد مؤتمراته كل عام وأحزاب السادة، والرفاق عجزوا عن عقد مؤتمر واحد لأحزابهم.. وحقيقة أخرى مهمة للغاية، إن كنا نقوم به فقط من باب الحسد والضرار وكراهية في التنظيم، الذي دبر الانقلاب على حكومة السيدين في الثلاثين من يونيو 1989م رغم أن تلك الحكومة أتت عبر انتخابات حرة إلا أنها لم تحرك ساكناً، وأدخلت البلاد في دوامة خلافات السيدين، وتعويضات آل المهدي وانتشرت طوابير الحصول على الخبز والوقود في طول البلاد وعرضها، والتمرد في جنوب البلاد وقتها كاد أن يلتهم النيل الأبيض، وجنوب كردفان، وجنوب دارفور، وشرق السودان، ومقاتليه حفاة عراة تسترهم غصون أشجار الاكاسيا وصفق الموز، كان التردي الشنيع في الخدمات حافزاً للشعب لتأييد الانقلاب والوقوف معه ودعمه ومناصرة الشباب وخروجهم للقتال في الجنوب، وتقديم الأرواح فداءً للأرض والعرض ولهزيمة برنامج السودان الجديد العلماني الغربي.. وسبب آخر جعل الشباب ينتمون لبرنامج الإنقاذ هو شعورهم بأن الثورة اشركتهم في العمل العام، وهو ما يفقدونه في الأنظمة السابقة، فضلاً عن إشراك المرأة وتوليها مناصب في الجهاز التنفيذي للدولة.
فشلت المعارضة تماماً في إسقاط النظام وانتبه عدد كبير من المعارضين سائلين أنفسهم في ساعات الصفاء، لماذا نعارض النظام؟ وهل الآلية التي نستخدمها كمعارضين ستقود للإصلاح أو إسقاط النظام؟ وأخطر الأسئلة ما مصلحة من يدعمونا بالمال والسلاح والإيواء والوقوف معنا في المحافل الدولية بالضغط على الحكومة، وفرض العقوبات الاقتصادية وغيرها من القرارات!! وفي الإجابة على هذه التساؤلات فرقان بين من يعارض من أجل الشعب والوطن، ومن يعارض من أجل أجندة أخرى نعلمها جميعاً.. الآلية هي الحرب والفوضى والسلب والنهب، وترويع المواطنين في مناطق الأحداث واتخاذهم دروعاً بشرية، وبما أن هذا مخالف للمواثيق الدولية إلا أن من يدعي حراسة هذه المواثيق يكيل بمكيالين، يجرم جيش الحكومة ولا يلتفت لانتهاكات المتمردين، ولا يستقيم عقلاً أن تقتل من تقاتل من أجله.. الحرب الدائرة أفقرت الشعب لأنها عطلت الإنتاج وشدت أطراف البلاد، وأرهقت الخزينة العامة بالصرف على الأمن والدفاع، وزادت الضرائب على المواطن، وارتفعت الأسعار، وزادت من التضخم والعجز الكبير في ميزان المدفوعات والميزان التجاري، ورغم كل هذا لم تفلح المعارضة في تحريك الشارع، وإسقاط النظام، بل أفلح المؤتمر الوطني في إقناع الشعب بعدم جدوى المظاهرات والتخريب ترغيباً لا ترهيباً، وظل النظام يتمدد، وظلت المعارضة تصرخ طيلة السبعة والعشرين عاماً الماضية بإسقاط النظام دون جدوى، وهم بذلك يدعمون أعداء السودان التقليديين ممثلين في اسرائيل واللوبيات اليهودية في أمريكا واروبا، التي تعمل على جعل السودان دول كسيحة لا تستطيع الخروج من داخل حدودها، لعلمهم الأكيد بأن السودان بلد يرقد على خيرات وفيرة، تؤهله أن يصبح دولة عظمى وهي بذلك خطر على اسرائيل ودول الاقليم في كونها ستعمل على تصدير الثورة والتحرر من التبعية الغربية، وهزيمة برنامجهم في المنطقة وهي منطقة استراتيجة مهمة في الحرب والسلم.. هذه إجابات مقتضبة اتكأنا عليها في العودة لمساحة الوعي، وكانت حافزاً لي ولثلة من الاخوان البررة بالرجوع لحضن الوطن والمشاركة في هزيمة برنامج المعارضة بشقيها الناعم والخشن (الأحزاب والحركات المسلحة)، التي لا تهمها أحوال الشعب، ولهذا عدنا الى حضن الوطن وأعلنا انضمامنا لبرنامج الحوار الوطني الخالص بدون تدخلات وإملاءت من جهة ومنظمات غربية، تسعى لإفقار الشعب وتجويعه وإزلاله لصالح بقاء الكيان الصهيوني ودويلته التي صنعوها وشردوا أهلها.
ختاماً: نرجو أن ينتبه الاخوة في الحركات المسلحة، ويضعوا مصلحة الشعب فوق النزوات والشهوات والمصالح الشخصية، والعودة لطاولة الحوار واضعين أمامهم الحقائق التي ذكرناها عالياً.. أما السادة الكرام في الأحزاب المعارضة القديمة جداً، فلهم منا التقدير إذا لزموا المساجد والحوزات العلمية لتعليم الناس أمور الدين، لأن الزمن قد عفى عن تلك الأحزاب والتوريث، وتجاوزت عقول الشباب وجيل الانترنت والتكنولوجيا تلك الخرافات والتبعية العمياء، لأنها لا تلبي طموحاتهم وتطلعاتهم والمشاركة في صناعة الحزب والمؤسسية والشفافية والمحاسبة، وتفعيل مواعين الديمقراطية (وطبعاً دا كلو في الأحزاب القديمة مافي) حتى الدفن في مقابر واحدة.. لا أدري هل يعلم السادة أن زمان التبعية والطاعة العمياء ودوائر الإشارة قد انتهى؟ وهل علموا أن عشرات الأحزاب خرجت من بيت الخليفة وجنينة الميرغني، منشقة من بيت الطاعة الى سوح الديمقراطية الفسيح، أما الرفاق في الحزب الشيوعي الرأسمالي الأمريكي، فقد ذهب بريقهم وتشتتوا أيدي سبأ، فمنهم من اهتدي ومنهم من فضل الإقامة الدائمة في الغرب وأمريكا، حيث العلمانية الصرفة وحظوظ النفس والهوى (وطبعاً هم عدو تقليدي للكيزان أينما كانوا في السودان ومصر وسوريا وقطر وتركيا ….الخ).. حان الوقت لكل مواطن غيور على أرضه وعرضه وشعبه للمشاركة في حل أزمة البلاد عبر الحوار، بعد فشلنا في المعارضة الناعمة بالخروج للشارع (حضرنا ولم نجدكم)، والعصيان المدني وهزيمة التمرد في كل مناطقه وهروبه الى خارج البلاد، مقاتلين مع حفتر وسلفاكير مقابل الغذاء والايواء والاحتماء بهم من جحافل الدعم السريع، التي لاحقتهم حتى حدود ليبيا وجنوب السودان.. هل يا ترى سنسمع قريباً منكم ما يشفي جراح الوطن الكسيح أم أن القطار سيتحرك بدونكم وتصبحون في عداد الأموات وطي النسيان، وخاصة أن الحكومة قالت عندها كلام تاني إذا رفضتم ترجيح صوت السلام، وتمسكتم بضلالكم القديم.
٭ الجبهة الوطنية المتحدة، ولاية الجزيرة
راي: ابراهيم عبدالدائم الصديق
صحيفة آخر لحظة