*قالت له: حان الأوان لتكون (أباً) لطفلي..
*رد عليها: بل حان الأوان لأكون (أباً) لطفل آخر..
*وكانت أغرب تضحية بين فلاسفة اشتهروا بالتخلي عن مرغوب..
*والمرغوب لدى كيركجارد كان الارتباط بفتاته..
*ومن شدة رغبته فيها خطبها لتكون شريكة حياته قريباً..
*ولكنها تعجلت الزواج بدافع الغيرة من شريك آخر يزاحمها فيه..
*قالت له: إما أنا – و فوراً- وإما أن تنساني إلى الأبد..
*وانتصر الشريك الآخر (فوراً)، وكان هو الفلسفة الوجودية..
*وصار سورين (أباً) لهذا الطفل الفكري..
*فهنالك دوماً لحظات في مسيرة الإنسان تفرض عليه أن يختار..
*وهذه اللحظات هذه هي التي يهتم بها فلاسفة الوجودية..
*من لدن (والدها) سورين كيركجارد وحتى (ابنها غير الشرعي) سارتر..
*ونزار قباني يخاطب بلقيس: إني ختيرتك فاختاري..
*خيرها ما بين: الموت على صدري أو فوق دفاتر أشعاري..
*ولكن لم يكن لمحبوبته الخيرة من أمرها بما أن الخيار بيد أبيها..
*وأبوها كان رده (ما بدي يتجوزها شاعر)..
*وتدخلت السياسة – ممثلة في حزب البعث- ليكون (خيارها) هي النافذ..
*ولكن الموت لم يختر لها: لا صدر نزار ولا دفاتر أشعاره..
*وإنما اختار لها أن تموت في (قلب) سفارة العراق ببيروت لحظة انفجارها..
*وسوار الذهب عانى رهق الاختيار إبان انتفاضة أبريل..
*قال له زملاؤه من العسكريين: إما أن تفعلها أنت، وإما نفعلها بدونك..
*وتردده في الاختيار كان نابعاً من قسمه لنميري..
*ولكنه نسي أن نميري نفسه داس على قسمه بجنازير الدبابة..
*وأنه أعدم كثيرين بتهمة محاولة تقويض الشرعية عبر انقلاب عسكري..
*وأن الشرعية الحقيقية هي التي انقض عليها هو بليل..
*وتبقى خيارات اللحظة الحاسمة هي الأصعب في حياة كل إنسان..
*عليه – أحياناً- أن يختار سريعاً دونما تردد..
*ثم يتحمل (وحده) تبعات اختياره هذا، كارثياً كان أم إيجابياً..
*وشعب السودان مواجه الآن بخيارين أحلاهما مر..
*إما الصبر- أكثر- على حكومة (تخن جلدها) فما عادت تحس بهم..
*وإما القبول بمعارضة لا (حس) لها، ولا يحس هو بها..
*ومعها قد يلج الساحة – على حين غفلة من أهلها- آخرون من (المجهول)..
*فعليه أن يختار بين (الموت على صدر الحكومة)..
*أو (الموت فوق دفاتر أشعار المعارضة)..
*وقد تكون معارضة لا (أب) لها فينفتح احتمال (الموت في قلب الانفجار)..
*وفي ظني أن الحكومة ضيقت على خيارات الناس الخناق..
*بمثلما ضُيِّق الخناق على (قسم سوار الذهب!!).
صحيفة الصيحة