وقفا قبالتي يمتطيان (موتر) ، لمحتهما بطرف عيني فالتقطت ملمح المشهد ، هو أجنبي أبيض البشرة منسدل الشعر للاكتاف ، كشف عن زراع سودها وشم مثل توزيعات السنة لهب كالرسوم الصينية المندلعة من تنين ! أرتدي بنطال جينز خالط سواده لون بياض مرهق القسمات ، وضع نظارة سوداء حالكة إستقرت علي عينيه كأنه الزمهما بلاصق ،
تفرست فيه ثم رسخ عندي انه عربي من الذين وفدوا مهاجرين فرارا او اختيارا للسودان ، كان له ذوق في اختيار (التيشرت ) مريع قياسا علي إختلاط الالوان وضيق الاكمام ونفور (اللياقة ) البنت كانت (مواطنة) ، سودانية صحيحة السمت ، بدت لي صغيرة حديثة عرس من واقع بعض أربطة المصوغات علي يدها ، وتراسيم حناء لم ينجو منها سوي الوجه الذي سدت عليه منافذ الرؤية بطرحة سوداء ، امسكت به من وسطه إمساك مرتعب حديث عهد بهذا النوع من الإمتطاء ، ومع ذلك اظهرت الفتاة مسك وله ومودة عجزت عن مداراتها .
تعاملت مع المشهد من باب (العادية ) لكن شخص اخر بالطريق أغضبه الامر لسبب لا أعلمه ، أنزل زجاج سيارته العريضة تلفت ثم لما لم يجد من ينفث اليه خاطرته استلفتني ببوق وخافت نداء ، قال لي بحنق البلد دي خربت ! شعرت به يتمطي للنزول والإشتباك مع الاجنبي دلق علي اذني مستغلا علوق حركة السير عبارات من قاموس العار والشنار ،
لذت بالصمت ثم انفجرت ضاحكا حينما قال يحادث نفسه مادا زراعه الاسمر يدقق النظر فيه بنات بحبو البياض والشعر السبيبي ! ضحكت ثم سرحت عجبا ، محاكمة الانطباعات هذه مضرة ، صحيح ان ذائقة انطباعي الشخصي لم تجري ارتياحا تجاه المنظر ربما لمقتي لعملية (ردف) الفتاة علي دراجة وربما لحالة قطيعة نفسية مع ما ظننت انه بلد الاجنبي لكني اخر الامر رجحت الخير فطالما ان هذه الفتاة (تزوجت) باجنبي فليكن فالحق الذي يمنح الرجل المواطن هذا الخيار يمنحها كذلك ، و(بنحب من بلدنا ما بره البلد) بعض غناء وشعر وللحياة اقسام وظروف
بقلم
محمد حامد جمعة