رئيس متواضع !!

*وفوق ذلك كان عفيفاً نبيلاً زاهداً..

*ويشهد على زهده حارسه الشخصي بالقصر الجمهوري..

*قال إنه كان قليل الطعام ، كثير التفكير..

*وكثرة تفكيره هذه- في أمور الناس- هي سبب قلة أكله..

*كان يحرص على تفقد المواطنين بنفسه كل يوم..

*فإن رأى مريضاً أوصى بعلاجه على حسابه الخاص..

*وإن رأى جائعاً صرف له مالاً يطعمه- وأسرته – من خزينة الدولة..

*وإن رأى مديناً ذهب إلى دائنه يناقشه في أمر الدين..

*كان – باختصار – يفعل مثل عمر بن الخطاب أيام ولايته..

*وكان مثله يجوع أيضاً إن لم يشبع الناس..

*يحكي أحد أتباعه قصة عن ذلك وقد كان يرافقه في جولة تفقدية..

* كان يتفقد مواطني الخرطوم- صباحاً- في زمن شدة..

*وعقب انتهاء الجولة- عند الظهيرة- اعتذر له عن دعوته للغداء..

*قال له : ما عندي كثير طعام لتشاركني إياه..

*فقبل مساعده عذره وانطلق إلى داره وهو دامع العينين..

*ثم رجع إليه بشيء من طعام وجد زوجته تعده في ذلك الوقت..

*وكان لا يأكل إلا إذا أكل جميع من في القصر..

*ولا يستلم أجره إلا إذا استلم الجميع – بما فيهم الجنائني- أجورهم..

*ولا ينام إلا إذا تأكد أن الجميع قد خلدوا إلى النوم..

*يقول مرافقه الخاص: بل كان بالكاد ينوم بعد أن يطلب كوباً من القهوة..

*ويظل إلى ما بعد منتصف الليل يراجع تقارير الدولة..

*وكان من عادته أن يبت – بنفسه – في أية شكاوى تصله فوراً..

*ويولي شكاوى النساء- بالذات- اهتماماً مضاعفاً..

*ضحى يوم دخل عليه أحد موظفي القصر يستأذنه في الانصراف..

*قال له إن امرأته تعاني آلام الطلق ، ولابد أن ينطلق..

*وفوجئ الموظف الصغير بكبير البلاد يقول له: سوف أنطلق معك..

*وينقر الرئيس على باب الحجرة ينبئ بمقدمه..

*ولم تصدق المرأة ، والقابلة ، والخالة ، والعمة ، والأخت ، أعينهن..

*ثم تزداد الغرفة ذهولاً حين يحمل الطفل على يديه..

*ولا ينسى قبل مغادرته أن يجود ببعض ما كان بجيبه من مال..

*إذا شاهد أثاثاً يُحمل – داخل القصر- ساعد في حمله..

*وإذا شاهد حارساً غلبه النعاس تبسم، ثم طلب منه أن يغفو قليلاً..

*وإذا غضب لا يتخذ قراراً إلى أن يسكت عنه الغضب..

*ورغم كل مظاهر أخلاق التدين هذه ما رفع يوماً شعارات دينية..

*بل ولم يكن سودانياً أصلاً….

*إنه غوردون باشا !!!

صحيفة الصيحة

Exit mobile version