مهب الريح

في أبريل عام 2015م ومن على شرفة الفندق النمساوي، كان وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف يكتفي بتلويحة محدودة وابتسامة عريضة، كان يعلن نجاح الدول الست في التوصل إلى اتفاق تاريخي بشأن الملف النوي الإيراني، وكأنّما بدأ يرسم خارطة جديدة للمنطقة والعلاقات الأمريكية الشرق الأوسطية، بالمُقابل أصاب الخليج شيئاً من الذهول، فلم تُعلق دول الخليج على ذلك الاتفاق إلاّ بعد يوم، لم ينزل ذلك الاتفاق التاريخي بين إيران والدول الست الكبرى منزلاً بارداً على المملكة العربية السعودية ودول الخليج، وهو ما وضع إيران في موقع جديد كلياً يُحتم بالضرورة تبدل الأدوار في المنطقة.

قبيل التوقيع على الاتفاق التاريخي، ومن قلب الكونغرس الأمريكي، كان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يلقي خطاباً هيستيرياً، لم يكن نتنياهو وقتها مجرد متوجس فقط حينما قال إن إيران موجودة الآن في دمشق وصنعاء وبيروت، كان يخشى أن تتوصل الدول الكبرى إلى هذا الاتفاق.

لكن يبدو أنّ هذه الصورة لن تستمر كثيراً، ويبدو أنّ الخليج بدأ يسترد أنفاسه قليلاً بعد انتخاب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة.. تنتظر العديد من دول العالم أن يحسم الرئيس الأمريكي باراك أوباما كثيراً من الملفات قبل تسلم الرئيس المنتخب دونالد ترامب، وبدت النبرة الإيرانية تبدي قلقاً إزاء الاتفاق النووي التاريخي المُوقّع بين الدول الست الكُبرى في أبريل 2015م، حيث طالب الرئيس الإيراني حسن روحاني نظيره الأمريكي بمنع تمديد العُقُوبات على بلاده، وتوعد روحاني برد قوي في حال عدم الاستجابة لمطالب إيران، والأسبوع الماضي أقر مجلس الشيوخ الأمريكي تمديد العُقُوبات المفروضة على إيران لمدة 10 سنوات أخرى، ولكي يصبح سارياً، يُنتظر أن يوقع عليه الرئيس أوباما التي توشك فترته على الانتهاء.

ضمن برنامجه الانتخابي المُثير للجدل، ركّز الرئيس المنتخب دونالد ترامب على الاتفاق النووي، ووعد بتمزيقه وإرساله إلى المتحف، ما يعني العودة إلى نقطة الصفر.. وإذا ما مضى ترامب عبر مجلس الشيوخ الذي صوّت على تجديد العُقُوبات على إيران في هذا الاتجاه، فالعودة لنقطة الصفر لن تقتصر على العلاقات بين أمريكا وإيران.. يبدو أن تبدلات كثيرة ومُربكة سوف تسيطر على سياسات الولايات المتحدة تجاه الشرق الأوسط، من جهة أنّ الإدارة الجديدة ضد الاتفاق النووي الإيراني فهي تكسب الخليج من جهة وود إسرائيل من جهة أخرى، لكنها بالمُقابل فإنّ ملف الحرب على الإرهاب تعلو أولوياتها، وهو ما يترتّب عليه اتخاذ مواقف قاطعة ضد دول سُنية ارتبطت لصيقاً بتمويل الجماعات الإرهابية.

شمائل النور
صحيفة التيار

Exit mobile version