ساءني معاملة طبيب سوداني مددت له يدي مصافحا فتركها في الهواء والتقط (كرت) المقابلة!

كنت علي موعد مساء اليوم مع طبيب ، مضت ساعات العمر وبدت إرهاصات تدابير الفناء ، صعدت للدرج المؤدي الي عيادته ، بالطابق الثاني ، جلست في فراغ المكان اتأمل طلاء الجدران اللامع ، لحظت ان الزبائن قلة ، ربما من تمام العافية وربما من أسباب اخري ، حضر الطبيب ، بدا مرهق الخطو ثقيل المشي ، يومه كان شقيا قطعا ، دخلت عليه ادرنا حديثا مختصرا ، ساءني في البداية اني مددت له يدي مصافحا فتركها في الهواء والتقط (كرت) المقابلة ! امرني بالاستلقاء في ركن خصصه خلف ستار ، مسح صدري وبعض بطني بملمس مقدم (السماعة) كان باردا مثل أنف كلب ! حتي اني غصت في مرقدي وكدت أن أقد الحشية ، طلب مني النزول ، هبطت منشغلا بالبحث عن فردة حذائي أعيد سد منافذ الازرار ، حري قلمه بتلك النصوص العجفاء ، يفك شفرة علتي حبوبا ومشارب ! غادرت المكان لم أقصد الصيدلية أحصيت ما معي من مال فاثرت السترة ، قلت اليوم روشتة وغدا خمر وشفاه وفك عسرة ، خرجت اشق كثافة شارع مستشفي الخرطوم العتيق ، مرافقون ومرضي وعويل سيارات إسعاف تتوقف لا تلفظ مريضا او تستلم جثة ! أحسست بها جزء من سنوغرافيا المشهد الليلي ! كانا ( هي وهو ) يتقدماني ، سيدة في تمام النضج وبهاء الماجدات ، ثوبها لف بعناية صانت شرف اطلالة الطريق وكان هو صبيا راجح سني عمره يضعه في حواف الثامنة عشر ، بينهما يتهادي شيخ فان ، بالكاد يسير يدنو من السقوط فتلتزمه السيدة ويلتقط ضعفه الفتي ، بستند العجوز واظنه والدهما علي السيدة براسه فيما كانت يده تتعلق برقبة الابن الصغير ، يرفل بجلباب هو عراقي وحذاء اسود كشف عن قدم عليلة ، لحظت ان الزحام انفج عن كرام الناس ، حينما رأوهم ، لحقت بهم وفي اثري ربما ست فتيان ورجل ، الكل يحمل الشيخ كوالد ، ضج المكان بالمرؤة حتي ان السيدة تراجعت حائرة ، أشارت الي مدخل مركز طبي بالانحاء ، حمل اليه والدها مثل عريس علي محفة سلطان ، وقفت هي تمسح عرق الامتنان ، اوصلنا اباها الي مجلس في بهو عريض ، يلهج لسانه المترجرج بشكر متهدج الانفاس للحاضرين ، لم ينس معه ان يتلفت صائحا يا (سناء) خرجت من بين الحشود مثل هلت هلال ، شهق لها الطيف والواقع ، جميلة جمال رصين الهيئة ، وكانت بارة باباها الذي امسك بيدها كأنه يطلب بركة قديس وهي تصلح طرف جلبابه وتمسح راسه بحنو امه ، وهو تدب فيه العافية مع كل مسري وممشي من يدها علي خصله البيضاء النافرة ، كانت ليلة بر ، عافتني وشدت روح عزما حتي اني نسيت اني لم اشتري دواء

محمد حامد جمعة

Exit mobile version