* كثيراً ما تتهم الصحف بأنها تروج بضاعة القبح، وتسوق الأخبار المحبطة، وتحصر جُل همها في نشر السالب المزعج، على حساب الموجب المفرح.
* الرد على تلك الاتهامات سهل، وتفنيدها لا يحتاج كبير عناء، لأن الصحافة تتعامل مع المتاح، وتسوق المتوفر، وهي ليست مطالبة بأن تختلق عالماً افتراضياً لا وجود له على أرض الواقع، وعندما تحصل على خبرٍ إيجابي، أو تتعاطى مع حدث مفرح، لا تتأخر في عرضه و(دق الطار) له.
* الصحافة تمثل مرآة المجتمع التي تعكس ما يحدث أمامها كما هو، ولا تتعامل مع مساحيق التبييض، وكريمات التجميل التي تستخدم لإزالة البثور والنمش من الوجوه الكالحة.
* الصورة القبيحة تنعكس من فورها على تلك المرآة، والجميلة تتحدث عن نفسها بلسانها، ولا أدلَّ على ذلك مما حدث على مدار يومين متتاليين، غطت فيهما هذه الصحيفة من موقع الحدث فعاليات ملتقى الأعمال التجاري السوداني الألماني الذي انعقد في العاصمة الألمانية برلين، بمبادرة رائعة من وزارة الاستثمار، ممثلة في وزيرها الشاب الطموح د. مدثر عبد الغني، وطاقم سفارتنا في ألمانيا، بقيادة السفير بدر الدين عبد الله.
* تمثلت أولى ثمرات الملتقى في إعلان عودة عملاقة الصناعة الألمانية (سيمنز) للعمل في السودان بعد فترة انقطاع امتدت تسع سنوات، وتوقيعها عقداً ضخماً مع وزارة الكهرباء، لتصنيع وتركيب خمس محطات لإنتاج الكهرباء بطاقة كلية تبلغ (850) ميغاواط، تعادل ثلث حجم التوليد الكهربائي المتاح حالياً، وتساوي ما ينتجه سد مروي من الكهرباء تقريباً.
* ذاك خبر مفرح، وتلك صفقة ضخمة، واختراق كبير ومهم، يحسب لوزارتي الكهرباء والاستثمار، لأن (سيمنز) التي هللنا لعودتها إلى بلادنا تعد الأضخم عالمياً في تصنيع معدات الكهرباء والإلكترونيات والمعدات الطبية ومعدات البناء والهواتف المحمولة والأدوات المنزلية وأنظمة الاتصالات والحواسب المحمولة وغيرها.
* عملاق عابر للقارات، بحجم أعمال تبلغ قيمته السنوية زهاء عشرة مليارات دولار سنوياً، وهي – أي سيمنز- تعادل في حجمها (جنرال إليكتريك) الأمريكية، بل تتفوق عليها في معدل انتشارها عالمياً، لأنها تعمل في (192) دولة، وتمتلك (400) موقع للأعمال في (45) دولة، عودتها للعمل في السودان بعد طول غياب تعتبر خبراً مفرحاً يستحق أن نهلل له ونسعد، سيما وأنه اقترن برعاية كريمة من وزارة الصناعة الألمانية لفعاليات الملتقى، وحضها للشركات الألمانية على العودة للعمل في السودان.
* يكفي تدليلاً على نجاح الملتقى ما ذكره وزير الدولة بالصناعة في ألمانيا، عندما أكد أمام مجموعة كبيرة من رجال الأعمال وممثلي شركات القطاع الخاص في البلدين أنهم لا يقيمون وزناً للمقاطعة الأمريكية للسودان، وأنهم جادون ومصرون على تطوير تعاملاتهم التجارية مع السودان، لأن الأمريكان أنفسهم يمتلكون مصالح في السودان، ويرغبون في العودة للعمل فيه.
* الحديث نفسه ورد على لسان نائب رئيس البرلمان الألماني، وهو يعني ببساطة أن وزارة الاستثمار أفلحت في إحداث اختراق كبير ومهم، اقتحمت به أوروبا من بابها الأوسع، ومدت به عرى التواصل مع دولة عظمى، تمتلك أقوى اقتصاد في أوروبا، ورابع أضخم اقتصاد في العالم.
نواصل
مزمل ابوالقاسم – للعطر افتضاح
صحيفة اليوم التالي