تُعد المكتبات نوافذ ثقافية تعمل على توفير المعلومات والمعرفة البشرية بشتى أنواعها، فهي تخاطب أفراد المجتمع من الطفل إلى العالم، ومن أوسع الناس ثقافة إلى أقلهم تعليماً، وتخدم كافة الإعمار والطبقات، وتفتح أبوابها للقراءة والبحث والدراسة.
كما أن للصحافة رسالة وطنية مهمة، وهي إحدى وسائل الإعلام والتنوير وباعث على النهضة وإذكاء الروح الوطنية وإغناء الثقافة لتكوين الرأي العام وبلورة المفاهيم، وتسليط الضوء على الأحداث في البلاد، إضافة إلى توجيه الشعوب نحو التحرر السياسي والاجتماعي، لكن الحملات المستمرة على دور المكتبات وأكشاك الصحف في العاصمة قاد استهداف منابر التنوير والتوعية، وأغلقت بعض من الأولى، وامتهن أصحاب الثانية مهناً أخرى بخلاف بيع الإصدارات، علاوة على تشريد الكثيرين، الأمر الذي جعل الخرطوم لا تقرأ كما كانت.
إغلاق نهائي
بعد معاناة مستمرة من شبح الإغلاق النهائي منذ عدة سنوات أخيراً، قرر مدير مكتبة سودان بوك شوب الطيب عبدالرحمن إغلاقها بسبب قيمة الإيجار العالية. وتُعد المكتبة العريقة التي يعود تأسيسها إلى العام 1902، من أكبر المنافذ الثقافية في السودان، وقد تميزت بتبويبها للكتب، بجانب نظامها الدقيق في العرض، علاوة على تقديم كل المعارف للمثقفين والطلاب والأفندية وعامة الناس، بعد أكثر من مائة عام تغادر أقدم مكتبة في السودان سوق القراءة والوعي دون أن تجد العون من أحد. في السياق يقول الطيب عبدالرحمن: استمررت في دفع الإيجار رغم أن سوق الكتاب لم يعد مجزياً، وكنت أصرف على المكتبة من جيبي وحالياً لا أستطيع. وأردف: لم أجد العون من الدولة أو وزارة الثقافة.
أوضاع الصحف
في ظل ظروف مادية بالغة الصعوبة وأوضاع اقتصادية صعبة، وجد عدد من أصحاب أكشاك الصحف أنفسهم في مفترق طرق بعد أن أزالت المحليات محالهم بداعي التجميل والتخطيط، الإجراءات الجديدة دفعت العاملين في بيع الإصدارات إلى الانصراف العاملين إلى مهن أخرى. في السياق يقول الأستاذ الجامعي علي يونس لـ (اليوم التالي): إغلاق المكتبات وإزالة أكشاك الصحف يعد استهدافاً للحريات العامة. وأضاف: رغم مساهمات سودان بوك شوب في الحياة السياسية والثقافية السودانية وإضفائها الحيوية على وسط الخرطوم الذي بات شبه خال من الرواد بعد أن أفتقدت العاصمة للأنشطة الثقافية والملتقيات والأندية والمقاهي. وأردف: إزالة الأكشاك يعني تشريد الآلاف رغم صعوبة الظروف الاقتصادية. واستطرد: مهما وصلت مرحلة التضييق فإن الناس لا يزالون يقرأون تداوم على شراء الكتب والصحف.
محاربة الثقافة
أما سناء أحمد فتقول: يمثل ازدياد الوعي علامة فارقة في استنهاض الشعوب، فمن بوابة المكتبة تدخل إلى مسامات الروح روح المسؤولية والإثراء والتكاتف وموقع الوطن في خارطة النهضة العالمية والمحيط الإقليمي. وتضيف: إغلاق المكتبات وإزالة أكشاك الصحف يعني محاربة الثقافة والمعرفة في العاصمة المثلثة، لأنه من غير المعقول تشريد ثلة من الناس كانوا ولا يزالون يعيشون من هذه المهن ويعولون الأسر ويصرفون على أبنائهم.
الخرطوم – منهاج حمدي
صحيفة اليوم التالي