لا يوجد شيء أكثر إحباطاً من عدم رؤية ثمرة مجهودك وعملك الشاق، خاصة حينما يتعلق الأمر بممارسة الأنشطة البدنية والأكل الصحي. فربما التزمت بممارسة أقصى حد من الأنشطة البدنية يومياً، أو أنك اتبعت نظاماً غذائياً صحياً بالكامل، يشمل مجموعة متنوعة من الأغذية الكاملة، لكن ما زال وزنك لم يتزحزح أبداً.
وفقاً لخبراء الصحة، هناك مجموعة من الأسباب البسيطة التي تقف وراء عدم فقدان أي وزن، والمثير أن أغلب الأسباب ليس لها أي علاقة بالإفراط في تناول الطعام.
من جانبه أشار كلو ماكلويد ا ختصاصي تغذية معتمد وخبير تغذية رياضي، لموقع “هافنغتون بوست” إلى أن أغلب المشاكل المرتبطة بصعوبة التخلص من الوزن الزائد تعود إلى التوقعات العالية للأشخاص.
وقال ماكلويد في تصريحات للموقع في نسخته الأسترالية “غالباً ما يرغب الأشخاص في فقدان 3 أو 4 كيلوغرامات من وزنهم في أسبوع واحد، أو أن يفقدوا هذا الوزن بشكل سريع للغاية كي يصبحوا أكثر اطمئناناً ويلبي ذلك توقعاتهم، لذا يجب إعادة التفكير في مثل هذه الأشياء”.
وتابع “وفيما يتعلق بسبب عدم تمكن بعض الأشخاص من فقدان وزنهم الزائد على النحو الذي ينبغي، سواء كان ذلك يحدث بشكل بطيء أو أنهم لا يفقدون أي وزن إطلاقاً، فهناك أسباب رئيسية تفسر غالباً سبب حدوث ذلك”، وتشمل:
1.عدم الحصول على القدر الكافي من الطعام
ربما تقول، هل يعني هذا أن أتناول طعاماً أكثر كي أفقد وزني؟ بالتأكيد هذا غير صحيح، لكن ما هو غير متوقع أنك إذا لم تتناول القدر الكافي من الغذاء، فإن هناك احتمالاً كبيراً بأنك لن تفقد وزنك الزائد.
وقال ماكلويد، إن الأمر الأكثر شيوعاً الذي يجعل الناس -خاصة النساء- لا يفقدون وزنهم الزائد، هو عدم تناول ما يكفيهم من الطعام. موضحاً، فربما يتسبب عدم تناول كميات كافية من الطعام في تبديد حلم التخلص من الوزن الزائد كما هو الحال مع الإفراط في تناول الطعام، فأنا رأيت الكثير من الأشخاص يتبعون حمية غذائية خاطئة، تتكون من 1200 سعر حراري فقط، أو أقل، كما أنهم يمارسون الأنشطة البدنية لمدة ساعة ونصف الساعة على الأقل يومياً، وعلى الرغم من ذلك فهم يشتكون (نحن لا نأكل الطعام إلا نادراً ونمارس الرياضة بانتظام، لذا من المفترض أن نتخلص من وزننا الزائد، ولكن هذا لا يحدث).
وأشار ماكلويد أن هذا يحدث لأن الإنسان لم يحصل على الطاقة الكافية اللازمة لأداء النشاط والوظائف المطلوبة منه، لذا يبدأ نظام التمثيل الغذائي “ميتابوليزم” في الإبطاء، وبالتالي يجد الشخص صعوبة شديدة في التخلص من الوزن الزائد.
الفكرة بسيطة للغاية “كل أكثر حتى تستطيع أن تمارس الأنشطة البدنية أكثر”.
ومن جانبها أيدت كريستين كروناو، خبيرة التغذية، هذا الطرح العلمي السابق وقالت “يوجد الكثير من الأنظمة الغذائية الشهيرة التي توصي بممارسة أنشطة بدنية عالية الشدة، والحد من السعرات الحرارية الزائدة، خاصةً الدهون، ومع ذلك فقد يتسبب ذلك في فشل النظام الغذائي”.
وأوضحت كروناو للموقع “تحتاج أجسامناً لقدرٍ كافٍ من الطاقة كي تعمل بكفاءة، وكي تستخدمها في ممارسة الرياضة والأنشطة المختلفة، لذا فنحن نحتاج إلى وقود أكثر، وليس أقل، كما أنه من الصعب جداً ممارسة الأنشطة البدنية الشديدة جداً عندما لا يحصل الجسم على القدر الكافي من الغذاء والطاقة، فهو سيشبه حينئذٍ السيارة التي تسير بنصف كمية الوقود التي تحتاجها للوصول إلى مكان معين”.
وقالت كروناو لأننا عندما نحصل على قدر أقل من السعرات الحرارية التي تحتاجها أجسامنا، خاصة عندما يتزامن ذلك مع ممارسة الرياضة، فإن جسمنا سيدخل في حالة من الجوع الشديد أو المجاعة.
وأضافت: الغدة الدرقية يصبح بعد ذلك أداؤها أبطأ، كما تقل سرعة نظام التمثيل الغذائي، لكن ماذا سيحدث إذا توقفنا عن ممارسة الأنشطة البدنية العنيفة وبدأنا نأكل مجدداً؟ من المحتمل أننا سنكتسب مجدداً الوزن الزائد الذي فقدنا بعضه.
2.الإفراط في تناول الطعام (حتى لو كان الغذاء صحياً)
على الجانب الآخر، إذا كنت معتاداً على الإفراط في تناول الطعام فإن فقدان الوزن الزائد سيكون أصعب، هذه النقطة قد تبدو واضحة، لكن الكثير من الناس لا يفهمون أن ذلك ينطبق أيضاً على الغذاء الصحي.
وقال ماكلويد قد يفرط الشخص في الأكل، حتى لو كان يتناول طعاماً صحياً ويمارس الرياضة بشكل منتظم، فحتى مع اتباع هذه الخيارات الصحية، فإن مساعي التخلص من الوزن الزائد ستفشل إذا أفرط الإنسان في تناول هذه الأكلات.
هذا الأمر يتوافق مع الحقيقة التي تقول إن فقدان الوزن يحدث عندماً تكون الطاقة التي تستهلكها أكبر من الطاقة التي تحصل عليها، لذا فإذا كان جسمك يحرق قدراً أقل من الطاقة (عبر ممارسة الرياضة ومعدل الاستقلاب الخاص بك) مقارنةً بالطاقة التي تحصل عليها من الغذاء، فهذا لن يؤدي إلى فقدان الوزن.
وقال ماكلويد إن خير مثال على ذلك ربما يكون الشخص الذي يمارس الرياضة في الصباح، ثم يتناول إفطاراً صغيراً بشكل سريع، ويذهب بعدها إلى العمل، لكنه لا يمتلك أي وقت لتناول الغذاء، لذا فهو لا يأكل أي شيء حتى قدوم المساء، وبالتالي فهو في هذه الحالة سيفرط في تناول الطعام لتعويض ما فاته خلال الوجبات الأخرى، وحتى لو اختار أغذية صحية، فإنه سيتناول في نهاية المطاف كميات أكبر من الطعام.
كما أكد التقرير أن أحجام وجبات الطعام غالباً ما تكون كبيرة جداً خلال الوجبات الغذائية والوجبات الخفيفة، وأوضح ماكلويد أنه ربما يتناول هؤلاء الأشخاص إفطاراً وغداءً وعشاءً صحياً فعلاً، لكن بشكل عام يحصل جسمهم على كميات مفرطة من الطاقة أكبر من التي يحتاجها.
لكن هذا لا يعني أننا ندعو لتناول الوجبات السريعة لأنها تحتوى على سعرات حرارية مرتفعة تختلف من أكلة لأخرى، كما أن عملية التمثيل الغذائي تتم بشكل مختلف في الجسم، ويمكن للإنسان التعرف على مقدار الطاقة الذي يحتاجه في اليوم وفقاً لعدد من العوامل تشمل: العمر والطول والوزن ومستوى النشاط البدني.
3. المعاناة من التوتر والضغوط الزائدة
عندما يتعلق الأمر بفقدان الوزن الزائد، فإن التأثير الضار للضغوط ينقسم إلى شقين: حين تعاني من التوتر الزائد، فإنك ستميل إلى تناول قدر أكبر من الطعام، كما أن جسمك ستقل قدرته على فقدان الوزن الزائد.
وقال ماكلويد “ما ألاحظه كثيراً أن الأشخاص المتوترين غالباً ما يفرطون في الأكل، حتى لو كانوا يتناولون أطعمة صحية، فإن جسمهم سيحصل في نهاية المطاف على قدر أكبر من السعرات الحرارية التي يحتاجها”.
وأضاف “الضغوط لها تأثير ملحوظ على هرمونات الجسم المختلفة وكيفية استفادة جسمك من الأشياء المختلفة، وبالتأكيد تسهم أيضاً في جعل فقدان الوزن الزائد أمراً بالغ الصعوبة، لأنها تدفع الإنسان لتناول كميات أكبر من الطعام”.
4.الإفراط في ممارسة الرياضة
وفقاً لخبيرة التغذية كريستين كروناو فإن الإفراط في ممارسة الرياضة يعرض الإنسان للمزيد من الإجهاد ويهدد مساعي التخلص من الوزن الزائد.
وأوضحت كروناو أن الإفراط في ممارسة الرياضة قد يؤدي في نهاية المطاف إلى إلحاق الأذى بالجسم أكثر من الفوائد التي يجنيها، لذا فإننا إن لم نمد الجسم بالقدر المناسب والكافي من الغذاء فإن الرياضة قد تكون مرهقة جداً، وتتسبب في إنتاج كميات أكبر من هرمون الكورتيزول (هرمون التوتر)، وهو ما قد يتسبب غالباً في زيادة الوزن.
5.الإفراط في تناول الأطعمة الصحية
بسبب وسائل التواصل الاجتماعي وخبراء الصحة المنتشرين عبر الإنترنت، فإن الرسالة التي يودون إيصالها بشأن الأغذية الصحية قد يتم تحريفها، إذ يعتقد الناس أن بعض الأطعمة صحية جداً على خلاف الحقيقة، مثل الوجبات الخفيفة الغنية بالمكسرات والفواكه المجففة، إذ تحتوي على سعرات حرارية مرتفعة.
وقال ماكلويد إن الكربوهيدرات تعد من الخيارات الغذائية الصحية، لكن إذا كنت ستتناول الخبز الأبيض أو الأطعمة المحولة فلا تفرط فيها، فعلى الرغم من أنها قد تحتوى على نفس السعرات الحرارية للبدائل الصحية غير المحولة، إلا أنك بعد تناول تلك الأطعمة غير الصحية ستشعر بالجوع سريعاً، وبالتالي ستضطر لتناول كميات إضافية من الطعام.
6.عدم الحصول على القدر الكافي من النوم
لا يتوقف التأثير السلبي لنقص النوم على المزاج والتركيز فقط، ولكنه يرتبط أيضاً بوزن الإنسان.
وقال ماكلويد، إن عدم الحصول على القدر الكافي من النوم له تأثير سلبي على التمتع بوزن صحي، وهناك الكثير من الأبحاث الطبية التي أكدت على أهمية النوم لساعات كافية كي نجعل أجسامنا قادرة على أداء وظائفها بشكل أفضل.
وأضاف خبير التغذية “علاوة على ذلك، عندما تكون متعباً يفرز جسمك الكثير من الهرمونات التي تجعلك تشعر بالجوع، وهذا سيجعلك تحصل على قدر زائد من الطعام في الوقت الذي لا تحتاج له”.
إذاً.. ما الحلول؟
قال ماكلويد إنه يجب التأكد من الحصول على القدر الكافي من الطعام، وبدلاً من حساب السعرات الحرارية يجب التركيز على تغذية جسمك بكميات كبيرة من الفواكه والخضراوات الطازجة، والحبوب الكاملة، والبروتينات قليلة الدهون، وتناول كميات كبيرة من المياه، وعدم الانتظار حتى الوصول لمرحلة الجفاف أو الشعور بجوع شديد.
وأضاف “احصل على القدر الكافي من النوم، وحاول اتباع أي استراتيجية تسهم في السيطرة على التوتر والضغوط النفسية سواء بممارسة الرياضة أو التأمل”.
الجديد