الضبة والمفتاح ..!

«الإنسان هو الحيوان الوحيد الذي يَخجَل لأنه الوحيد الذي يفعل ما يُخجِل» .. مارك توين..!

(1)
الديمقراطية هي شجرة وعي لذلك تبقى مثالب الشخصية السودانية هي أخطر مهددات الاقتصاد القوميِ .. في الجانب الأقصى من العالم أنتج الصينيون ثمرة كُمثرى على شكل طفل، بينما نعجز نحن عن المنافسة في سوق الجودة بثمرة مانجو تخرج من باطن الأرض وهي في غنىً عن عبقريتنا الإنتاجية المفقودة، ومع ذلك نفشل، فتشيخ وتتغضَّن جلود ثمارنا الوطنية من سوء الحفظ والتخزين في بلاد النائمين في ثلاجات الفواكه ..!

(2)
نمو الغرس الأجنبي في التربة المحلية لا ينجح إلا بالتحايل على تبعات الاختلافات المناخية .. والمستثمر الأجنبي لا يعول على قوانين تشجيع الاستثمار بقدر ما يعول على تشجيع الأجواء الداخلية التي يرتبط صلاحها بـ (سلوك) المواطن – في مواكبة تبعات وجود الآخر- قبل ارتباطه بـ (مسلك) الدولة .. نجاح رؤوس الأموال الوافدة يتحقق باجتياز غراسها امتحان عوامل التعرية المحلية .. لذلك ما فتئنا نردد ونؤكد أن الاستثمار ثقافة شعبية ..!

(3)
علاقة الشعوب الإفريقية بأحكام العالم الانطباعية تشبه علاقة جلودهم بحرارة الشمس .. في (كيف) تأثيرها عليهم و(كم) اقترابهم منها .. من اكتساب لون البرونز .. إلى سواد الأبنوس .. إلى الاحتراق .. فـ التفَحُّم ! .. في مناخنا السوداني المُشمس، مثالب شعبية تقف حجر عثرة أمام تحقق المنجزالوطني/السياسي/الاقتصادي/الرياضي .. تلك المثالب هي التي تجعل سلوكنا الدولي معيباً في عيون الآخرين .. أحكام انطباعية كثيرة تؤكد أننا شعب (يصرف عربي) .. ويرقص على الإيقاع الإفريقي .. وإذا دعا داعي العمل (يعمل نايم!) .. لا بد أن نعترف بمسؤوليتنا عن أي (تمييز) دولي نُجابه به عند تقييم (سلوكنا) رسميًا وشعبيًا ..!

(4)
الفساد هو بكتيريا (السالمونيلا) التي تنخر في لحم الاستثمار .. اضطرابات غياب الشفافية .. صداع نقص الآليات الفاعلة في الإبلاغ عن الفساد .. حُمى قبول الرشوة كعادة وأسلوب حياة .. غثيان نقص الحوافز وشح المقابل المادي المجزي عن أعباء الوظائف .. كثرة الهمس عن حكايات المستثمرين الذين يولون الأدبار فراراً من تبعات عفن الضمائر واتساخ الذمم .. من حقنا أن نطالب بأمصال إبادة .. ولقاحات مناعة .. وبعض البتر ..!

(5)
نكتة قديمة تقول إن مسطولاً كان يلف ويدور طوال الليل عند البقعة المضيئة حول عمود الإنارة بحثاً عن مفتاح بيته الذي سقط في أطراف الحي .. وعندما سأله العسس (لماذا تبحث عن مفتاح بيتك في غير مكان وقوعه) .. أجاب (في أطراف الحي لا يوجد عمود إنارة) .. مشكلتنا السودانوية ليست شح طلبات الإحاطة في شؤون الفساد.. بل لعنة المسافة – الفاصلة – بين مفتاح القرار وعمود النور ..!

هناك فرق – منى أبو زيد
صحيفة آخر لحظة

Exit mobile version