عادت مظاهر الحياة الى طرق العاصمة السودانية الخرطوم تدريجيا مع دخول العصيان المدني آخر ساعاته الثلاثاء، وللمرة الأولى تتبنى لجنة باسم “خلاص” الحملة وكشفت عن مراحل أخرى تنتهي بعصيان مفتوح في 19 ديسمبر القادم.
ويؤكد مسوؤلون حكوميون فشل العصيان المدني، بينما يدفع ناشطون بمعلومات وصور من الشوارع والأسواق تؤكد نجاح العصيان، بينما أفاد الرئيس عمر البشير في أول تعليق له على العصيان بأنه “فاشل بنسبة مليون في المئة”.
وشهدت العاصمة السودانية الأحد أولى أيام العصيان المدني المعلن من قبل ناشطين، ووجدت دعوة العصيان استجابة لدى المواطنين بنسب متفاوتة في مدن الخرطوم الثلاث.
لكن يوم الثلاثاء فتحت معظم المحال التجارية في شوارع العاصمة أبوابها، مع توفر المواصلات العامة من وسط الخرطوم إلى أحيائها المختلفة، بينما ما زالت الجامعات متأثرة بالعصيان وخلت قاعات دراسية في الجامعات الحكومية، مع تزايد عدد الطلاب في الجامعات الخاصة.
وأرتفعت نسبة حضور التلاميذ في المدارس إلى نحو أكثر من 70%، لكنها لم تباشر الدراسة بشكل كامل بحسب إداري في أحد المدارس الخاصة في شرق الخرطوم.
وقال الإداري لـ”سودان تربيون” إن عناصر من جهاز الأمن زارت المدرسة بعد ورد معلومة ان مدرسته مغلقة بيد أنهم وجدوا طلاب ومعلمين في المدرسة وانصرفوا على إثر ذلك.
وقال طالب بمدرسة ثانوية حكومية في وسط الخرطوم “إنه حضر للمدرسة ولكنه لم يدرس لعدم حضور المعلمين”.
وذكرت موظفة في مدرسة خاصة في أحد أحياء الخرطوم أن الدراسة متواصلة في المدرسة لكن زمن الدراسة تقلص واصبح نهاية الدوام الساعة الواحدة بدلا عن الثانية ظهراً.
وكانت أحزاب سياسية معارضة وحركات مسلحة أعلنت انضمامها لحملة العصيان المدني في السودان التي اطلقها ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، مؤكدين المشاركة بكامل عضويتهم في العصيان.
وقلل المتحدث باسم الحكومة وزير الإعلام أحمد بلال معلقا على العصيان المدني: “إن المسألة كلها مليئة بالإشاعات.. يعني أيه زول يمشي يصور شارع ويقول كان فاضي وأن الاعتصام نجح.. أعتقد هذا كلام غير سليم”.
وقال بلال في تصريحات نقلتها صحيفة “اليوم التالي” يوم الإثنين: “إن الاعتصام فشل تماما ومصالح الناس في الشارع لم تتعطل والحياة تمضي بصورة عادية”.
وأفاد موظف ببنك تجاري يتبع للدولة أن العمل انخفض في أول يومين للعصيان إلى أكثر من النصف، ولكنه تحسن وعاد لطبيعته اليوم الثالث.
واشتكي صاحب محل تجاري لبيع الخضراوات والفواكه من الركود الذي صاحب عمله أيام العصيان وما قبلها بسبب زيادات الأسعار.
أما الوزارات والمؤسسات الحكومية شهدت حضورا كاملا للموظفين، وتداول الناشطون قرارا بفصل أحد العاملات بوزارة المالية لمشاركتها في العصيان، فضلا عن إنذار كتابي لموظفة في جامعة السودان.
وأكد موظف بوزارة خدمية انسياب العمل في الوزارة بدون أي أثر للعصيان على عدد المواطنين المترددين على الوزارة.
وأفاد عاملون أن أقسام شؤون العاملين في مؤسساتهم عمدت طيلة أيام العصيان المدني إلى الطواف في المكاتب للتأكد من مداومة جميع العاملين.
وجاءت الدعوة للعصيان المدني بعد احتجاجات متواصلة، على محدوديتها، ضد قرارات اقتصادية قاسية قضت برفع الدعم الحكومي عن الوقود والكهرباء والدواء وتحرير جزئي لسعر صرف الدولار.
وصدر أول تعليق عن جسم يتبنى العصيان المدني بعد أن ظلت المبادرة فيه للناشطين في مواقع التواصل الاجتماعي.
وقالت اللجنة التمهدية للعصيان المدني “خلاص” في بيان تلقته (سودان تربيون) “تعمل اللجنة التمهيدية مع كافة قطاعات الشعب السوداني لاستمرارية العصيان المدني حتى نجاحه”، موضحة أنها تخطط ليكون العصيان المدني عبر مراحل تمهيدية ثم مرحلة العصيان المدني المفتوح يبدأ في 19 ديسمبر القادم الذي يوافق ذكرى إعلان الاستقلال من داخل البرلمان.
وتابعت “هو اليوم الذي توحدت فيه إرادة السودانيين لإعلان الاستقلال من داخل البرلمان”، مشيرة إلى أن العصيان حينها سيكون تحت شعار (يوم البرلمان يوم الخلاص)، ويستمر حتى سقوط النظام “لنرفع راية الاستقلال الحقيقي في أول يناير”.
وأضافت (خلاص) أن خططها للمرحلة القادمة تشمل تكوين لجان للعصيان والتغيير في كل مدينة بالسودان وتحرك هذه اللجان الدعوة للعصيان وبنشاط وفعالية.
وحددت تاريخ الثلاثاء 29 نوفمبر لإطفاء المصابيح ليلا في جميع أنحاء السودان من الساعة التاسعة مساءً وحتى العاشرة مساءَ، على أن يكون الثلاثاء 6 ديسمبر يوم الوحدة الوطنية بمناسبة ذكرى أحداث الأحد 6 ديسمبر 1964 وستنطلق أبواق السيارات باستمرار لمدة ربع ساعة من الثانية ظهراً للثانية والربع ظهراً.
وأعلنت أن يوم الأثنين 19 ديسمبر سيكون بداية العصيان المدني ببقاء الجميع في بيوتهم وعدم الخروج إلا للضرورة القصوى وعدم مواجهة أو استفزاز القوات الأمنية. ودعت الأحزاب السياسية والنقابات ومنظمات المجتمع المدني الأخرى للإنضمام لهذا العصيان والعمل على انجاحه في جميع أنحاء السودان والتوقيع على هذا البيان.
كما دعت لجنة “الخلاص” جهاز الأمن ليثبت انتمائه لهذا الوطن والسودانيين وأن يحموا المواطن بدل عن التنكيل به، وطالبت الحركات المسلحة بوضع السلاح جانباً والوقوف مع الشعب وإعلان ذلك من خلال وسائل الإعلام لضمان نجاح العصيان.
ونشطت مجموعات ضخمة في “فيسبوك” في الدعوة للعصيان المدني، وزاد عدد المشتركين والمتابعين لهذه المجموعات منذ هاشتاق “أعيدوا الدعم للأدوية” الذي حظي بتفاعل عربي لافت.
ورصدت “سودان تربيون” مجموعة في “فيسبوك” باسم “SSP” وصل عدد المشتركين فيها إلى أكثر من 113 ألف شخص، نشطوا في حفز العصيان المدني.
ونفى رئيس الوفد الحكومة لمفاوضات دارفور أمين حسن عمر أن يكون صرح بإمكانية قطع الانترنت في البلاد لينتهي العصيان أو قوله لدعاة العصيان “لو استدعى الأمر نرشكم بي بف باف.. “، وهو مبيد حشري.
وكتب أمين على صفحته في (فيسبوك): “إن إجابة الشعب واضحة وساطعة لمن يكابر فالشعب أجاب بنحو عملي أنه يرفض خيار زيادة طين الاقتصاد بله”، مؤكداً “أن الشعب يرفض تهديد الاستقرار والأمن الذي تنعم به البلاد استثناءً في محيطها العربي والأفريقي”.
سودان تريبيون