زعيم الجبهة العريضة علي محمود حسنين : المؤتمر الوطني غير حريص على إنهاء الأزمة والمعارضة اقتنعت بأن الحوار مضيعة للوقت

مشاركة القيادات الاتحادية في الحكومة سبب أساسي لبقاء النظام

علاقتي بالميرغني انتهت بعد تجاوزه لمبادئ الحزب مشاركته في السلطة الشمولية

المؤتمر الوطني غير حريص على إنهاء الأزمة والمعارضة اقتنعت بأن الحوار مضيعة للوقت

عانى مؤسس الجبهة الوطنية العريضة علي محمود حسنين من قهر الديكتاتوريات العسكرية التي كانت تستهدفه بصورة ممعنة في العداء، وهذا دليل بطولي يشهد للزعيم حسنين الذي يؤمن بحرية الإنسان التي جبل عليها وبديمقراطية الدولة التي هي ضمان لحرية الفرد واحترام سيادة القانون، وربما لهذا ظل يرفض الانخراط في الحوار الوطني انطلاقا من تمسكه بمبادىء الحزب الاتحادي الديمقراطي، التي ترفض وتحرم مناصرة النظم الشمولية.

في هذا الحوار الجريء الصريح تحدث الرجل عن كثير من القضايا الوطنية والراهن السياسي، فالى الحصيلة التي خرجنا بها منه.

ـ ما رايك في ما يدور في الحزب الاتحادي الديمقراطي بوصفك نائب رئيس الحزب؟
انا لا علاقة له برئيس الحزب بعد أن خرج عن مبادئ الحزب وأصبح جزءاً من النظام الشمولي ليس الآن فقط، وإنما حتى في الانتخابات السابقة التي جرت في العام 2010م، وكل من شارك او يشارك في هذا النظام حزبياً سقطت عضويته سواء كان عضواً أو رئيساً في الحزب أو قائداً من قواده.

والحزب الاتحادي سيعود حزباً قوياً كما كان في 1954 عندما يشارك بفعالية في إسقاط هذا النظام ونحن لدينا في الجبهة الوطنية قانونان، قانون تنظيم الأحزاب السياسية الذي ينص على العزل السياسي لكل من شارك في هذا النظام الشمولي ويرسي أحزاباً سياسية قائمة على أساس الديمقراطية، ولدينا قانون آخر، لمحاسبة الفساد السياسي والاقتصادي والإعلامي، وهو يحاكم كل من أجرم في حق الشعب السوداني ويعزل بأمر القضاء وليس بأمر السياسة يعزل سياسياً لفترة تتراوح بين 5- 20 عاماً.. عندما يصدر هذان القانونان أعتقد أن الحزب الاتحادي بشبابه الواعد سيكون الحزب الأقوى في الساحة، والحزب مستقبله كبير إذا تمايزت الصفوف بداخله ونحن لسنا مع وحدة الصف، ولكن مع وحدة الهدف . والآن أمام الشعب السوداني أن يتجمع كشعب سوداني لإسقاط هذا النظام بعزل عن هذه القيادات.

ما هي الدوافع لقيام جبهة عريضة علمًا بأنك نائب لرئيس الحزب؟
جاءت الجبهة الوطنية العريضة في 2010 لتكون الوعاء الذي يجمع توجه إزالة هذا النظام وإقامة البديل الديمقراطي، وأنا أرى السبب الأساسي لبقاء هذا النظام هو توجه القيادات الاتحادية التقليدية للمشاركة الإنقاذ مع اننا كنا نعول عليها بحسن النية لإسقاط هذا النظام، ولكن انكشفت هذه القيادات، ولم تعد هي التي يمكن أن يعول عليها لإسقاط هذا النظام بل هم كانوا وكلاء عن الشعب السوداني، والآن الشعب السوداني لا يريدهم، بل يريد أن يتصدى بقيادات شابة ووجوه جديده تدعمها الجبهة الوطنية العريضة، هو لا يريد بديلاً، هو صاحب الحق، وهو الذي يعاني بطشاً وجوعاً وتشريداً وقتلاً، لذلك آن الأوان للشعب السوداني أن يأخذ حقه بيده.

ـ هناك من يرى أن الأحزاب غير قادرة على اسقاط هذا النظام، وأيضاً هناك من يرمي باللائمة على الشعب؟
الشعب السوداني هو صاحب الحق لأنه الذي يعاني بطشاً وجوعاً وتشريدًا وقتلاً, لذلك آن الأوان للشعب السوداني أن يأخذ حقه بثورة تسقط النظام, لأن القضية السودانية هي قضيتنا نحن, ولا نسمح ولا نستجدي أي تدخل من الخارج, والشعب السوداني أدرى بقضيته, ويمكن أن يزيل هذا النظام, لأنه أقوى من الجيش, ومن الدبابة, والحركات المسلحة. وأقول كل القيادات السياسية في الأحزاب, في الحركات المسلحة, إنه لا مجال للتحاور مع هذا النظام.

ـ لكنك كنت جزءً من اتفاقية القاهرة بين التجمع والحكومة؟
تقدمت باستقالتي من مجلس الحكومة الذي كان بموجب اتفاقية القاهرة واعتقلت وبعد خروجي من المعتقل في عام 2009, وكنت نائباً لرئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي وخرجت من السودان معارضاً لاتفاقية القاهرة التي كانت بين التجمع وبين الحكومة. واستقلت من المجلس الوطني الذي دخل فيه التجمع الديمقراطي في عام 2006 وبعد مدة قصيرة جداً من دخولي في مجلس الحكومة باسم التجمع الوطني الديمقراطي, وقدمت استجوابات عديدة لوزير الداخلية, ووزير المالية في محاوله لكشف الفساد في الحكومة, وحينذاك كان دخول التجمع الديمقراطي باعتباره معارضاً للنظام, وكنت أنا أتولى هذه المعارضة, ونسبة للمذكرات التي قدمتها لكشف الفساد الحكومي فقد منعت من الحديث لأي أمر في داخل البرلمان، ولهذا السبب كانت استقالتي, وذكرت لهم أنني دخلت البرلمان لكي أكون معارضة فاعلة, ولما عجزنا أن نكون معارضة فلن نبقى في برلمان حتى نذوب أمره, ونحسن حاله, ولذلك خرجت من البرلمان مستقيلاً, وطلبت من باقي أعضاء التجمع الوطني الديمقراطي الاستقالة معي, ولكنهم رفضوا أن يستقيلوا وظلوا في البرلمان بعدي أكثر من أربع سنوات.

ويضيف: خرجت حتى حل المجلس الوطني في ذلك الوقت, وظللت أواصل مسيرة المعارضة ضد النظام, والدعوة ضد إسقاطه, كنت أقيم الندوات والاتصالات, وكنت أتحرك باسم الحزب الاتحادي الديمقراطي في ذلك الوقت.

بعدها دخلت إلى المعتقل؟
تم اعتقالي في عام 2007 في محاولة يقال إنها تجنيد للعسكريين السابقين للإطاحة بالنظام, وقد كان هذا الاتهام ظالماً, وطلبنا أن نعرض على القضاء، ولكن النظام لم يستجب, وظللنا في الحبس ما يقارب الستة شهور, دخلت في إضراب عن الطعام في داخل السجن، استمر الإضراب لمدة 27 يوماً, طالبت فيها إما أن يطلق سراحنا أو أن نقدم للمحاكمة, وفي نهاية المطاف تم إطلاق سراحنا, وشطبت الاتهامات. وبعد أن أطلق سراحي ظللت أدعو الى ضرورة محاسبة المسؤولين في الحكومة وهو ما ادى لاعتقالي مرة أخرى بعد ان تحدثت في ندوة سياسية بحي الصافية بمدينة بحري، عن ضرورة عدم الافلات من العدالة.

بعدها وجدت نفسك في المنافي؟
غادرت السودان في يناير 2009 إلى مصر بهدف رفض الأحداث, ثم قررت الذهاب الى بريطانيا، وهناك عقدت الندوات, وجاءتني الدعوة إلى مؤتمر جوبا بعد أن انتهى التجمع الوطني الديمقراطي, وحضرت مؤتمر جوبا وكنت ممثل الحزب الاتحادي اليمقراطي, وطالبت من كل الحاضرين مقاطعة الانتخابات, وأن نعمل جميعاً على إسقاط النظام, واتفق الجميع على المقاطعة، إلا بعد تحقيق شروط معينة، وحددنا يوم 30 نوفمبر 2009 كموعد نهائي لتحقيق هذه المطالب, ولم يهتم النظام بتنفيذها، وقام بإجراء الانتخابات في أبريل 2010, وكل الأحزاب شاركت في الانتخابات وبعضها انسحب, أما الحزب الاتحادي الديمقراطي والذي كان يتزعمه محمد عثمان الميرغني فقد واصل حتى النهاية.

ماذا كان موقفك؟
أعلنت رفضنا للمشاركة في تلك الانتخابات, لأن المشاركة تعني الاعتراف بشرعية النظام, وأصدرت خمسة عشر بياناً باسم الحزب الاتحادي الديمقراطي دعوت فيها الجماهير لمقاطعة الانتخابات, وعدم الالتزام بخط محمد عثمان الميرغني بالمشاركة في الانتخابات, وبالرغم من هذا أجريت الانتخابات, وخسر الحزب الاتحادي الديمقراطي كل الدوائر ولم يحصل على أي أصوات بسبب التزوير الذي حصل وبسبب المقاطعة, وقد أصدر محمد عثمان الميرغني بياناً أكد فيه عدم الاعتراف بها, وقال أننا لا نعترف بهذه الانتخابات, ولا بنتائجها, وهذا يعني أن محمد عثمان لا يعترف بالبشير رئيساً, ولا بالمؤتمر الوطني حزباً حاكماً, وهذا موقف جيد ومتقدم من محمد عثمان الميرغني, ولكن سرعان ما تراجع وشارك في الحكومة معترفا بنتائج الانتخابات.

خطوة المشاركة جاءت ضد رغبة عدد كبير من قادة الحزب وهذا يعني ان دوركم كان ضعيفاً؟
في تلك اللحظة أصدرت بياناً واضحاً صريحاً, ذكرت فيه أن الذي فعله محمد عثمان الميرغني خروج عن دستور الحزب الديمقراطي, وعلى تاريخ الحزب الاتحادي وماضيه, وأيضاً خروج على إرادة جماهير الحزب الاتحادي الديمقراطي التي لا تعترف بنظام الإنقاذ, ولا تعترف مطلقاً بشرعية الانتخابات, وأن واجب الاتحاديين وفق المادة 3 من دستور الحزب مقاومة أي نظام شمولي مدنياً كان أم عسكرياً, والعمل على الإطاحة به بكل صلابة وتصميم, وأن من يخرج عن هذا الدستور يكون قد فقد شرعيته من الحزب, وأعلنت بياناً واضحاً أن السيد محمد عثمان فقد شرعيته للحزب, وبالتالي فقد عضويته بالحزب الاتحادي الديمقراطي، وكان هذا في عام 2010, ومن بعدها لا أعترف بالقرارات التي يشير إليها الحزب الاتحادي الديمقراطي والتي تعددت وتأكدت في 2015 عن طريق الحسن ابن الميرغني في المشاركة في هذا النظام.

عفوا.. لكن كل هذه الخطوات تجد مباركة جماهير الحزب؟
هذا ليس صحيح، وأناشد جماهير الحزب الاتحادي الديمقراطي أن ينتفضوا من اجل تجميع القوى النضالية في الحركة الاتحادية عموماً لتتجمع كحزب ديمقراطي معارض ومناضل ضد نظام الإنقاذ, وتنفيذا للإرث النضالي, ووفاء لإرث حزب الحركة الاتحادية عموماً, واسمحى لي في هذا المقام أن أشيد بشباب الحزب الذي اجتمع في أم دوم في ديسمبر من العام الماضي, واختاروا قيادة وهيئة رئاسية للحزب, ومكتباً سياسياً, ومكتباً تنفيذياً للحزب الاتحادي. وأرى أن مجموعة أم دوم هي الشرعية الحقيقية للحزب الاتحادي الديمقراطي. وأعتقد أن إسقاط النظام لا يقوم بالاتحاديين وحدهم، انما يقوم بجماهير الشعب السوداني من كافة القوى السياسية الجادة فى الدعوة لإسقاط النظام.

ـ ما هو دور الجبهة الوطنية العريضة في هذا؟
هناك قوى تعارض النظام, وهناك الأحزاب الكبيرة التي تعارض النظام, لذلك فكرت في أن أنشئ وعاء كبيرًا أطلقنا عليه اسم الجبهة الوطنية العريضة, وذلك في 21 أكتوبر 2010 في لندن, حيث عقد المؤتمر التأسيسي للجبهة الوطنية العريضة مكونة من كيانات تؤمن بإسقاط النظام, وعدم التحاور معه من أفراد الشعب السوداني الذين يؤمنون بإسقاط النظام. ونحن نرى أنه يجب ان يحساب الذين أجرموا في حق الشعب السوداني, في والفساد وجرائم وتمزيق النسيج الاجتماعي الوطني.

ـ وماذا عن مخرجات الحوار الوطني؟
كل المحاورين يشاركون في السلطة, وهو حوار لقسمة السلطة, والتحاور يعني الاتفاق بين الطرفين, وهذا يعني انضمام المعارضة إلى الحكومة, وبالتالى تتلاشى المعارضة, مع الوضع في الاعتبار أن هذا القول لا نقصد الجبهة الوطنية العريضة لأننا نرفض الحوار مطلقاً لأن القوى السياسية الأخرى تنقسم إلى قسمين فيها من ترى الحوار بشروط, والأخرى ترى الحوار بدون شروط, ونحن نتميز بموقفنا الثابت لا هذا ولا ذاك, لأن النظام غير جاد في الحوار, حيث يجرد المعارضة من كل أسلحتها لكي تقع فريسة للنظام مقابل المشاركة في السلطة, وأن كثيراً من المعارضين اقتنعوا أن الحوار مضيعة للوقت.

حاورته: هويدا عوض الله
صحيفة الصيحة

Exit mobile version