*وهو أسوأ ما يخشاه كل نظام شمولي.. *فمثل هذه الأنظمة لا تخشى ضروب الجهر بالاحتجاج كافة.. *لا تظاهرات ولا تجمعات ولا مسيرات ولا ندوات.. *فهي كلها مقدور عليها عبر وسائل مكافحة (الشغب).. *شوية بمبان على شوية رصاص على شوية هراوات وخلاص.. *ولكن العصيان المدني هو (فوبيا) مثل هذه الأنظمة.. *فسوف يُسقط في يدها تماماً ولا تدري كيف تتعامل معه.. *وقد كان هو العامل الأقوى خلال انتفاضة أبريل.. *فالشلل – شبه التام- أصاب مرافق الدولة لعدة أيام متواصلة.. *وكشفت (مسيرة الردع) حجم جماهيرية نظام مايو.. *بل فضحته فضيحة لم تخطر على بال أكثر منسوبيه إحساساً بالخطر.. *وانفض من حول نميري (جماعة كل حكومة).. *هرب منه المنتفعون والمتسلقون والانتهازيون والوصوليون.. *ولم يبق معه إلا قلة آمنت بمبادئ (ثورته) حقاً.. *طيب السؤال الملح الآن : ما مناسبة هذا الكلام؟.. *مناسبته دعوة انتشرت في بعض مواقع التواصل لتبني العصيان المدني.. *وحددت الأحد القادم موعداً لبداية هذا العصيان.. *ولك أن تتخيل حجم الحماس (الأسفيري) تجاوباً مع هذه الدعوة.. *وأحد المتحمسين نقل حماسته إلى صفحتنا بالفيس بوك.. *قال لي : لا تقشف لا ترشيد لا تخفيض ، أكتب عن إسقاط هذا النظام.. *ويعني تحذيري المتكرر للحكومة بأن (تحس شوية).. *تحس بتضخم معاناة الناس جراء سياساتها الاقتصادية الرَّعناء من جهة.. *وبتضخمها هي نفسها – في المقابل- من جهة أخرى.. *فهي الحكومة الأكثر وزراءً و دستوريين وتشريعيين على مر التاريخ.. *وتكلفة ذلكم كله على حساب المواطن المسكين.. *حتى بعد اصابته بالأنيميا هم يصرون على مص آخر قطرة من دمه.. *وهذه هي نقطة الخطر التي أشرنا إليها قبل يومين.. *المهم إنني رددت على المتحمس ذاك بعبارة ( يجب إسقاط هذا النظام).. *ولا أدري إن كان قد (ارتاح) أم يرجو مني المزيد.. *فالنظام لا تسقطه أحلام الأسافير- والعصافير- وإنما توافر الإرادة الجماعية.. *والإنقاذ تدفع الناس دفعاً الآن صوب هذه (الحافة).. *بينما تندفع هي نحو حالة (التبلد) الشهيرة التي ترتبط بـ(نهايات) الأنظمة.. *وتصحبها – دوماً- عبارات استفزاز للشعوب.. *أرأيتم كيف (تبلد) نظام نميري في أواخر أيامه ثم طفق (يستفز)؟.. *و فعلت الشيء ذاته – بحذافيره- أنظمة الربيع العربي.. *ورغم ذلك فلن تنجح دعوة العصيان المدني يوم الأحد القادم.. *فشرط (توافر الإرادة الجماعية) لم يكتمل بعد.. *وباكتماله ستزول كل هواجس الخشية من (البديل).. *فهل (تحس) الإنقاذ أم (تتبلَّد) ؟!!
صحيفة الصيحة