إرتفعت بصورة غير مسبوقة نسبة الإصابة بسرطان الثدي عند الرجال بالبلاد.. حيث أصبحت نسبة الإصابة تمثل (1%) من النسبة العالمية وهي (3%) واعتبرت النسبة الأعلى عالمياً، فيما تم تسجيل عدد (39) حالة إصابة بالمرض عند الرجال في العام 2015.. في وقت حذر فيه المختصون من تفاقم حالة الشعور بالإحباط والكآبة والانفعال لدى المواطنين، والتي اعتبروها أسبابا رئيسية للإصابة بالسرطان، مثل سرطان الثدي عند الرجال.. (آخر لحظة) أجرت تحقيقاً لمعرفة أسبابه وطرق الوقاية منه وخرجت بالتالي:
رحلتهم مع المرض:
تفاجأ محمد يحيى من ولاية الجزيرة في العام 2015م في تغيرات في شكل ولون ثديه الأيمن، ويقول أصابه شعور بالحيرة والتوتر والقلق، ولم يخطر على مخيلته بأن يكون مرضاً خبيثاً أصاب ثديه، نسبة لأن هذا المرض شائعٌ ومعروفٌ عند النساء، وبدأت معاناته بعد التحليل وأخذ العينات التي أثبتت المرض، وأجريت له عملية جراحية لاستئصال الورم، وحالياً يخضع لجلسات علاج كيميائي.. أما يوسف أحمد المقيم بدولة مجاورة يحدثنا بأنه أصيب مع بداية العام الجاري بداء (الدوالي) في أحد أرجله، وبدأ في معاودة الأطباء بحثاً عن علاج دون جدوى، فاضطر لمغادرة البلاد ليكتشف أنه مصاب بمرض سرطان الثدي، وتم إكتشاف المرض في أول تشخيص من قبل الأطباء عقب الفحوصات والتحاليل.
ويقول (م . ك) الاربعيني العمر : أثناء تحسسي للثدي وجدت بروزاً ظاهراً، وقررت الذهاب للطبيب وجاء التشخيص بأنه ارتفاع في نسبة الهرمونات الأنثوية، وأخذت الكثير من العقاقير والأدوية دون جدوى، وأصبحت صحتي في تدهور وغادرت البلاد لدولة شقيقة، ومن هنالك تعرفت وسمعت لأول مرة بسرطان ثدي يصيب الرجال، فنتيجة للتشخيص الخاطئ تأخر اكتشاف المرض، وحالياً أقيم في دولة اوروبية لتلقي العلاج الأعلى تكلفة عالمياً.
السودان النسبة الأعلى عالمياً:
ويكشف المدير العام للمركز القومي للعلاج بالأشعة والطب النووي (الذرة) بروفيسور دفع الله ابو ادريس عن إرتفاع نسبة الإصابة بمرض سرطان الثدي عند الرجال في العالم الى (3%)، يمثل السودان فيها نسبة (1%)، لافتاً الى أنها الأعلى عالمياً تليه الولايات المتحدة الأمريكية.. حيث بلغ العدد الكلي للإصابة (نساء ورجال) عدد (1271) حالة خلال العام (2015م)، بينها (39) رجل مصاب بسرطان الثدي.. وفيما يستعبد ابو إدريس أن تكون زيادة هرمونات الانوثة عند الرجل واحدة من أسباب الإصابة، نسبة الى عدم وجود إختلاف كبير في تكوين الثدي عند المرأة والرجل، يشير الى سهولة التشخيص والكشف عن حالات الإصابة عند الرجل.. موضحاً أنه عند البلوغ يزيد صدر المرأة بينما يضمر صدر الرجل، فالخلايا الموجودة واحدة تتعرض كليهما للإصابة بالسرطان الذي يمثل العامل الوراثي فيها نسبة (10%)، وما تبقى أسباب غير معلومة حتى الآن، واعتبرها ابو إدريس عوامل مساعدة فقط .
ومما يساعد على الإصابة التدخين بالنسبة للرجال والنساء، وتعاطي التبغ بأنواعه، وتناول اللحوم الجاهزة والمحفوظة (كالسجوك والبيرقر) بجانب استخدام المبيدات في الزراعة.. داعياً المواطنين للانتباه لمجرد ظهور ورم غريب لأكثر من شهر والمبادرة بالفحص، مناشداً جميع قطاعات المجتمع المدني للمشاركة في التوعية ورفع نسبة الوعي بالمرض عند المواطنين.. وأعرب أبو إدريس عن عدم رضائهم عن الخدمة الطبية التي تقدمها مستشفى الذرة، لافتاً الى توقف عدد من الماكينات لعدم توفر الصيانة، الى جانب انعدام السجل لمرضى السرطان في السودان وغياب برامج المسح وصعوبة التشخيص.
إحصائية غير رسمية:
ويرى استشاري الأنسجة والخلايا د. بدر الدين ميرغني يوسف عدم ممارسة الرياضة، وشرب الكحول والسمنة من الأسباب الرئيسية للإصابة بمرض سرطان الثدي عند الرجال، وأنها السبب الرئيسي في إرتفاع نسبة الإصابة في الدول العربية الى (10%)، ويزيد على ذلك تناول أدوية الاستروجين التي تستعمل لعلاج سرطان البروستات وأدوية الصرع بالإضافة الى ارتفاع هرمون الاسترجون عند بعض الرجال، ويحفز تلك الأسباب التاريخ المرضي عند الأسرة.. ويقول إن(40%) من مرضى سرطان الثدي من الرجال مصابون بالورم المعروف بـ(الجاينكوماستيا) ويعرفه بأنه (ورم حميد في الثدي يظهر عند الرجال) ومعظم الإصابات به تكتشف عند كبار السن، ويكشف ميرغني لـ(آخر لحظة) من خلال احصائية غير رسمية لاحظها وأجراها داخل معمله أظهرت أن التحاليل تكشف عن إصابة رجل واحد بسرطان الثدي من بين (20) رجلاً أجروا تحاليلهم بعيادته خلال(6) أشهر.. بينما أوضحت احصائية بذات الطريقة إصابة امرأة واحدة بالمرض من بين(20) امرأة خضعوا للتحاليل بعيادته خلال اسبوعين.
سرطان الثدي عند الرجال أخطر:
واعتبر ميرغني خطورة الإصابة بسرطان الثدي ترتفع عند الرجال أكثر من النساء، وذلك لسرعة انتشاره نسبة لصغر حجم الثدي، وقربه من جهاز التنفس، موضحاً مراحل تطور المرض، وأن المرحلة صفر هي أول مراحله، حيث يكون السرطان موضعياً وهي مرحلة مبكرة يكون فيها الورم أقل من(2) سم والغدد الليمفاوية غير مصابة، ولا يوجد انتشار خارج الثدي، أما المرحلة الثانية تعد أيضاً من المراحل المبكرة ويكون الورم من (2-5سم) وانتشاره قد يكون في الغدد الليمفاوية تحت الإبط، والثالثة تعرف بالسرطان الموضعي المتقدم، ويكون الورم أكثر من (5) سم وانتشاره يصيب الأنسجة الأخرى المحازية للثدي، والمرحلة الرابعة ينتشر فيها السرطان لباقي أعضاء الجسم كالعظام والرئة والكبد والدماغ.. مبيناً أن للسرطان أعراض تتمثل في وجود كتلة حوافها غير منتظمة ضمن انسجة الثدي، تختلف عن النسيج الطبيعي وتغير حلمة الثدي، وتكون مسحوبة الى الداخل، مع ظهور طفح جلدي حول الحلمة، تصاحبها افرازات وتغير في جلد الثدي، بحيث يصبح مجعداً أو متقرحاً، وتورم منطقة الإبط بالإضافه لفقدان الوزن.. وأضاف يتم التشخيص بواسطة الطبيب المختص بطلب أشعة وموجات صوتية، وأخذ عينة عن طريق الرشف بالإبر الناعمة والخزعة الإبرية، وتؤخذ بإبر كبيرة لأخذ عينة من الورم جزئية أو كلية .
عوامل مساعدة:
ويؤكد خبير الأغذية د.نصر الدين شلقامي أن تناول المواد المحفوظة خاصة اللحوم المصنعة، يعد أحد العوامل المساعدة في الإصابة بالسرطانات بأنواعها، وذلك لاحتوائها على مضافات كيميائية تستخدم لحفظ المادة، كما أنها تكسب السلعة لوناً زاهياً، بالإضافة لإستعمال المبيدات في الزراعة بصورة غير مرشدة في المزارع.. وقال شلقامي.. على الرغم من وجود قوانين صارمة للمزارع في استعمال المبيدات إلا أن أصحاب المزارع يستخدمونه بطريقة عشوائية، وذلك لسرعة انضاجه قبل أوانه متجاهلين فترة الأمان والتي تبلغ (15) يوماً للخضروات، خاصة الطماطم والخيار بعد رش المبيد.. موضحاً أن أكل هذه المنتجات بصورة يومية تعرض صحة المواطن للخطر .
عدم الشعور بالرضا من المسببات:
فيما اعتبر استشاري الطب النفسي وأستاذ الصحة النفسية البروفيسور علي بلدو أن تدهور الحالة النفسية للمواطنين، وقلة القدرة على التحكم والتكيف، والقلق وعدم الشعور بالرضا، الذي يظهر في عدم الاستمتاع بالحياة، كله يؤدي لسهولة الإصابة بالسرطان من ناحية التغيرات الكيميائية والفسيلوجية التي تعمل على تحفيز باقي العوامل المسببة له لدى الرجال والنساء سواء.. لافتاً الى أن عدم تحمل الضغوط النفسية والاجتماعية قد تؤدي لظهور أورام غير معروفة كسرطان الثدي عند الرجال، الذي أصبح في تزايد في الآونة الأخيرة وقال بلدولـ(آخر لحظة) حول مايشاع بأن تعاطي الأدوية النفسية وأدوية علاج الصرع تؤدي لحدوث سرطان غير مثبت علمياً، إلا أنه عاد وقال إنه قد يندرج الأمر في إطار أن اي دواء يتم استعماله دون وصفة طبية يؤدي لمضاعفات خطيرة، وقد يكون من ضمنها الإصابة بالسرطان، ونوه بلدو لضرورة دمج العلاج الطبي مع النفسي لمرضى السرطان وأهمية الإرشاد الاجتماعي في مراكز العلاج بالطب النووي.. داعياً لادراج الفحص السنوي للثدي للرجال في ظل تنامي نسبة الإصابة.
تحقيق : زكية الترابي
صحيفة آخر لحظة