بعد نهاية يوم طويل وشاق في الأعمال الخرصانية نزل (علي تميم) من أعلى المبنى الذي يعمل فيه وبدل ملابسه على عجل وتوجه صوب السوق، اشترى الخضروات والفواكه واللحوم، ولم ينس السلع الضرورية (السكر، الشاي، البصل والزيت)، وبالطبع (الخبز).
بدأ سعيداً عندما وجد أن حمولة الأكياس (تقيلة) ابتسم واعتقد أنه سيفرح صغاره من واقع أنه لم يترك شاردة أو واردة من السوق إلا وتمكن من شرائها. استقل مواصلات (الثورة أمدرمان) حتى وصل إلى منزله ذي الغرف الثلاث، المفاجأة كانت حاضرة حينما وجد زوجته في حالة يرثى لها، (بخاخ الأزمة) انتهى، وأنفاسها باتت بعيدة، لم يتردد لأنه يملك (30) جنيهاً، تحرك نحو الباب متوجهاً إلى الصيدلية، لكنه تذكر بغتة أن أسعار الأدوية المنقذة للحياة لمست (عنان) السماء عقب الإجراءات الاقتصادية الأخيرة، وقف في مفترق طرق، لجهة أن هناك من ينتظر مصروف المدارس في الصباح، بكى بحرقة وانتظر المجهول.
واقع صعب
ظروف اقتصادية بالغة التعقيد والسوء يعيشها المواطنون بُعيد قرار برفع الدعم، علاوة على الزيادات الكبيرة في أسعار السلع، بجانب تطبيق قرار زيادة أسعار الأدوية، حارت عقول الناس الذين يحاولون جاهدين الإيفاء ببعض هذه الالتزامات، لكن العقول تعجز غالباً عن توفير بعض منها، فما بالك بها كلها، معيشة ضنكة تجعلك تجابد ما تبقى من أنفاس دخلك المحدود.
أرقام مخيفة
في السياق، تقول الصيدلانية هبة لـ (اليوم التالي): هناك أدوية زادت بنسة (300%) فمثلاً بخاخ سمبكورت لأصحاب الأزمة كان سعره (300) جنيه ارتفع إلى (700)، وهو من الأدوية المنقذة للحياة، وبالتالي مع ظروف الناس الصعبة يصعب الحصول عليه، وقد يقود الناس للوفاة. وتضيف: إن المصابين بالأزمة لا يتحملون الانتظار لدقائق دعك من ساعات، وبالتالي فإن خطورة تزايد الوفيات محتملة. وأردفت: الزيادات شملت الأدوية الطارئة لأمراض الكلى، بجانب حقن خاصة بالنساء الحوامل إضافة إلى أخرى كثيرة وضرورية. وزادت: الوضع سيكون صعباً في المدة المقبلة على المواطنين.
كيف الخلاص
من جهته، يقول الأستاذ مصطفى بانقا إنه تفاجأ بارتفاع أسعار الأدوية بصورة جنونية، وأضاف: ساقتني قدماي إلى إحدى الصيدليات بأمدرمان لشراء مسكن، لكن المفاجأة الكبرى كانت في الزيادة الكبيرة. واستطرد: قادني الفضول للسؤال عن عدة أدوية، حيث بلغ سعر الـ amoclan 150 جنيهاً فيما زاد الـ rofenac D المسكن الفوار عن 85 جنيهاً بينما بلغ ثمن الـ oprazole المعالج للمعده 71 جنيهاً، وتصاعد سعر بخاخ الأزمة الاحمر symbcort من 180 إلى 400 جنيهاً. ويضيف: الزيادات بين 300% إلى 50% كأدنى حد تقريباً. وكشف عن صعوبات تواجه المواطن في سبيل توفير مبالغ مالية لمجابهة الزيادات الكبيرة في الأسعار على الأصعدة كافة.
خيارات صعبة
مع تزامن ارتفاع أسعار السلع الضرورية والأدوية، فضلاً عن المواصلات وتذاكر البصات السفرية من العاصمة إلى الولايات، وبالعكس، علاوة على مصروفات المدارس والجامعات اليومية تبقى خيارات المواطنين صعبة للغاية في سبيل توفر الأموال اللازمة لتغطية الصرف اليومي.
اليوم التالي