“متين ترحل تودينا” قطارات السكة حديد.. انهيار وسيلة النقل الفعالة

ظل النقل بقطارات السكة حديد أهم طرق المواصلات في السودان، حيث بدأ إنشاء تلك الخطوط في العام 1875 من مدينة وادي حلفا إلى الخرطوم على يد القوات البريطانية المصرية الغازية لنقل الجنود والعتاد في طريقهم نحو العاصمة، وتواصلت المسيرة الظافرة للوسيلة التي تنقل البضائع بأمان وأقل تكلفة لفترة طويلة، وربطت أطراف السودان من حلفا إلى نمولي، وكانت تضم أعداداً كبيرة من القوي العاملة في كافة محطاتها بولايات السودان، إلا أنها تراجعت في السنوات الأخيرة على مستوى الخدمة وتراجع القطاع بشكل كبير لعدة أسباب.
وتعددت أنواع وأغراض القطارات التي سارت في الأقطاب، حيث كتب فيها الشعراء أجمل القصائد وتغنى لها الكثيرون من بينهم عثمان الشفيع برائعة “الأشرجي تراه/ للإشارة أداهو/ فتحوا السنفور/ لمروره براهو”، وأيضا البلابل صدحن بأغنية (قطار الشوق).

مهام عديدة
في السياق، يقول محمد إبراهيم ناظر محطة السكة حديد الخرطوم: تختلف مهام العاملين في السكة حديد حسب الغرض التي تبدأ من مواعين الحركة، وهي أول وظيفة يشغلها الموظف حتى أن يتدرج إلى ناظر محطة، وأثناء تلك الفترة يتم نقله بين المحطات وتعليمه كل طرق التعامل والصيانة، وتفادي الحوادث والتغلب على المصاعب، لذا يستغرق بين كل ترقية والأخرى سنوات حتى يكتسب خبرة كافية، وبعدها توكل له مهام كثيرة. وأضاف: من أهم الوظائف (الأشرجي) الذي يشغل أربع مهن في آن واحد ويتحكم في سير القطار وإشارته وتوجهه وإضافة إلى هذا توكل إليه مهام أخرى منها تدوينه الدائم لسير القطار ووصوله ومواعيد القيام في دفترين (61 و197). وأردف: مهمة الأشرجي ليست تمرير وتدوين بل تشمل حل أزمات القطار، لذا خصصت له غرفة تحكم بمفاتيح معينة يفوق عددها الخمسين.

انتعاش متوقع
وواصل محمد حديثه قائلاً: من أصعب محطات القطارات هي بحري التي تبدأ فيها مواعين الحركة العمل لأنها منطقة وسطى وسريعة في آن واحد. واستطرد: القطارات في السابق كانت تعمل بالديزل والبخار، وبعد أن تعطلت تم الاحتفاظ بها في متحف سكة حديد عطبرة، وهي التي جاء بها المستعمر وفي أعقاب التراجع والأعطال دخلت النهضة بقطار النيل الذي أدى نفس المهمة. وزاد: السكة حديد تمضي قدماً في تشغيل نوع جديد، وهي قطارات الولاية التي تربط الخرطوم بعطبرة، بجانب مقترح اضافة قطارات تربط (العاصمة بمدني) و(الخرطوم – سنار)، وكشف عن القوة العاملة بالسكة حديد السودان كلها (3500) عامل وموظف في ظل التعطل والشلل الذي أصاب القطاع المهم.

تهجير وخطورة
وفي ذات المنحى تحدث إبراهيم عن سكن السكة حديد في الخرطوم وحول تغيُّر ملامحه وشكله ورحيل سكانه إلى منطقة الأزهري بتعويضات. وأبان أنه كان في السابق سكن الموظفين والعمال عبارة عن مدينة تضم كل الأطياف والوظائف من سواقين ومهندسين وأرشجية بأسرهم حتى شكل المباني كان مصمم بطريقة معينة، ولكن للأسف تم تهجيرهم. وواصل: السكة حديد ممتدة من حلفا إلى أقصى الجنوب بقضبين لا تتفرع إلا إذا كان القطار تابعا لشركة أي حامل بضاعة كالشركات التي دخلت مؤخراً مثل سيقا وغيرها، حيث تقوم بدفع مبلغ كإيجار للسكة حديد للسماح لها بالحركة والتنقل، مؤكداً أن أجمل الرحلات هي عندما تحين الفرصة للناس السفر بالقطارات لأنها تخلو في أحايين كثيرة من الحوادث والانقلاب والخروج عن القضبان. وأكد أن أي حادث بين القطار وشخص مرتجلاً كان أم سائقاً يقع الخطأ عليه لا على القطر حسب القانون لأن مساره واحد، مبيناً أن الرحلات لا تخلو من حوادث أيضاً.

الخرطوم – درية منير
صحيفة اليوم التالي

Exit mobile version